أول سيارة في مصر اعتبروها «عِفريتًا من الجن» منذ 130 عام
كتب_ زينب غازي
حدث سنة،1890 ميلادية، تحول كبير في الحياة في مصر، إذ ظهر فجأة شبح يجري، بسرعة لدرجة أن المارة من البشر والحيوانات كانوا يفرون من أمامه، إعتقادا منهم أنه «عِفريتًا من الجن» يثير الفزع والرعب بينهم
وتلك كانت أول سيارة تدخل مصر، فرنسية الصنع De Dion-Bouton” تسير بسرعة 20 كيلومتر في الساعة، ومن الطبيعي أن تثير وقت ظهورها تلك الحالة من الرعب والفزع بين الناس.
وقبل ظهورها كانت السيارات التي تجرها الدواب هي الوسيلة الوحيدة المتعارف عليها للإنتقال من مكان إلى آخر، مثل الكارو والحنطور والكاريتا، فلا يفرق النبلاء والأمراء عن الفقراء في تلك الوسيلة سوى ملكيتها.
ويرجع وجود السيارة في مصر إلى الأمير عزيز حسن حفيد الخديوي إسماعيل، ففي عام 1888 سافر في رحلة دراسة وعمل إلى ألمانيا، وهناك رأى تلك السيارات التي لا تجرها الدواب، فأصر على شراء أحداها، وفي سنة 1890 عاد بها إلى مصر كنوع من الرفاهية، رغم معرفته بأن الطرق وقتها لا تتناسب إطلاقًا معها، ولا يتوفر لها وقودا، حتى أنه كان يقوم بشرائه خصيصا من أوروبا.
واستمرت رحلة الأمير لمدة عشر ساعات من القاهرة إلى الإسكندرية بسيارته، وكان عليه أن يخترق مزارع الفلاحين ويدهس المواشي لعدم وجود طرق وجسور في الطريق، ولأنها المرة الأولي التي يرى فيها الفلاحين تلك السيارة، فقد اعتقدوا إنها عفريت من الجن، وانهالوا عليها بالضرب، ولولا سرعتها لكان الأمير فقد حياته، وهم لا يعلمون إنه حفيد الخديوي.
وفي سنة 1901 أشتري الأمير محمد علي توفيق سيارة أخرى، وكان الأمير محمد متهورا يقود سيارته علي سرعة 30 كيلومتر في الساعة، ما أدي إلي الإصطدام بسيارة كارو محملة بالخشب، ليتم تسجيله كأول حادث سيارات في تاريخ مصر سنة 1904، بعد حادثتي الأمير عزيز والأمير محمد علي وقرر الخديوي عباس حلمي شراء سيارة له، وشق أول طريق ممهد بين القاهرة والإسكندرية لإنعاش السياحة الأوروبية في القاهرة، وخلال سنة واحدة أصبح يوجد في القاهرة 101 سيارة، وفي الإسكندرية 56 سيارة، منها البيجو والرينو، بانهارد ليفاسور، كليمان باياردز ودراقس، بالإضافة إلى 50 عربة جانبية للدراجات النارية وحافلتان شاملتان من نوع ديتريش تابعة لشركة “كايرو أومنيبوس” Cairo Omnibus التي تم تشكيلها حديثًا.
وفي 1908، أنشأ أول مركز خدمة لميكانيكا السيارات في مصر، بينما انتهى مشروع طريق القاهرة الإسكندرية سنة 1910، منذ ذلك الوقت استمرت عمليات التطوير للطرق مع استيراد السيارات، ليحتكر قيادتها الرجال فقط، حتى حصلت السيدة الاسكندرانية عباسية أحمد على أول رخصة للقيادة سنة 1920، لتكون أول امرأة تقود سيارة بشكل رسمي على مستوى مصر والوطن العربي وأفريقيا، وفي عام 1938 تولي الحكم “الملك فاروق” وكان معروف بأنه محباً لقيادة السيارات، حتى أن أدولف هتلر أهدى إليه سيارة مرسيدس حمراء مميزة.
وفي عام 1924، افتتح نادي السيارات الملكي المصري في فيلا رئيس الوزراء السابق يوسف وهبة باشا في شارع الشواربي، برعاية الملك فؤاد، وكان أول رئيس لها هو الأمير جميل طوسون، والسكرتير العام اليوناني أليكس كومانوس، والسكرتير الفخري الأول إيلي نسيم موسيري، ويبلغ عدد الأعضاء المؤسسين 50 عضوا.
وفي أغسطس 1925، أقيم أول سباق للسيارات في الإسكندرية، بمنطقة سان ستيفانو، الغريب في هذا السباق، إنه كان يدعو لتحديد من الأمهر في القيادة البطيئة للسيارة، على شرط أن لا يتوقف السائق بعد تشغيل محرك السيارة، وكان السباق يغطي مسافة 15 مترا فقط، وفي مارس من العام التالي، نظمت حفلة رياضية أخرى في مينا هوس، وتوالت حفلات سباق السيارات، حتى أصبحت جزءا أساسيا من موسم الترفيه في كل من القاهرة والإسكندرية.