كتب – زينب غازي
أنشئت على يدي حبشي جرجس أول إذاعة أهلية مصرية، والتي مرت بعدة صعوبات إنتاجية حتى وصلت إلى مرحلة الاستقرار بِاتخاذ مقرٍ لها في حدائق القبة مع الشريكين أحمد فريد الرفاعي وإسماعيل وهبي،
حتى عام 1927م لم يكن في مصر إذاعة محلية إلا تلك التابعة للبريطانيين، والتي تخدم أهدافهم وسياستهم ولا يسمعها إلا الأثرياء.
وبثت الإذاعة محطة القرآن الكريم والإعلانات التجارية والأغاني، ومن بعدها تعددت المحطات الإذاعية ومن ضمنها محطة مصر الملكية ومحطة عرابي وراديو فيولا وغيرها. دارت بينها حرب معنوية بهدف الانتشار، ومنها بث الشائعات حتى صدر قرار بإغلاق كافة المحطات الأهلية ودمجها في محطة حكومية واحدة.
وصدرت أول إذاعة مصرية رسمية في عام 1934م، ولكن تحت إدارة مدير بريطاني، بالرغم أن أغلب العاملين فيها مصريين. أما عن عبارة “هنا القاهرة” من العبارات الحماسية التي تحمل مشاعر الانتماء للوطن وكانت من أولى الكلمات التي انطلقت عبر الإذاعة المصرية على لسان أحمد سالم في افتتاحها عام 1934 وتم اعتمادها كعبارة رسمية لبدء إرسال كل الإذاعات المصرية التي انطلقت في السنوات التالية.
وبدأت الإذاعة المصرية افتتاحها في تمام الساعة الخامسة والنصف مساء يوم 31 مايو عام 1934، بآيات من الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد رفعت، وتلاها صوت كوكب الشرق أم كلثوم التي تقاضت 25 جنيهًا نظير إحيائها للافتتاح، علاوة على غناء المطرب صالح عبد الحى، ثم مطرب الملوك والأمراء محمد عبد الوهاب، ومحمد عبد المطلب وفريد الأطرش، بالإضافة إلى الديالوجات التمثيلية من المسرحيات العالمية والمونولوجات.
واستمر أحمد سالم فى الإذاعة يقدم البرامج التى تعلق بها الجمهور لكن لم تكن هناك وسائل للتسجيل فذهب كل هذا الإنتاج والتراث.
وأعجب طلعت حرب باشا بمواهب أحمد سالم وطلب منه أن يتفرغ لإنشاء شركة مصر للتمثيل والسينما وبناء استوديو كبير يكون مصريا خالصا وبالفعل قدم أحمد سالم استقالته وتفرغ لبناء ستوديو مصر على أحدث نظام للاستوديوهات وقتها، وقدم باكورة إنتاجه وهو فيلم وداد لأم كلثوم، وأنتج العديد من الأفلام الناجحة وتولى بعدها منصب المدير العام للقسم الهندسي شركات بنك مصر ومدير عام مطبعة مصر.
اكتشف أحمد سالم عددا من نجوم الفن ومنهم الفنانة كاميليا، وتزوج من الفنانة أسمهان لكن حياته الزوجية معها مثيرة سادتها أحداث ساخنة حيث تعرف عليها أثناء زيارته للقدس، وأحبها بجنون، وتزوجها وعادا إلى مصر، ودبت الخلافات بينهما بسبب غيرته الشديدة وطبيعة أسمهان المتمردة، حتى أنه حاول قتلها بالرصاص حين عادت للمنزل في وقت متأخر، فنشب شجار بينها وأشهر فى وجهها السلاح، وطلبت صديقتها النجدة، تبادل سالم إطلاق النار مع الشرطة ، فأصابته رصاصة في صدره، واستطاع الأطباء إنقاذ حياته.
وقبل وفاة أسمهان بأشهر قليلة حدث الطلاق بينهما، وأثيرت الشائعات لاتهامه بأنه وراء مقتلها وظل أحمد سالم يعانى من أثار الرصاصة التي أصابته حتى تعرض فى 10 سبتمبر عام 1949 لآلام مبرحة توفى على أثرها عن عمر 39 عاما.