“الغابة المتحجرة” محمية طبيعية بمصر.. تاريخ يزيد عن 35 مليون سنة
كتب_زينب غازي
تعد محمية الغابة المتحجرة، واحدة من ضمن 30 محمية طبيعية في مصر، وشاهده على العصر الأوليجوسيني، الذي يؤهلها لتكون متحف حفريات مفتوح.
ويعتقد كثيرون أن أقدم ما يمكن أن تجده في مصر هو الآثار الفرعونية القديمة، التي يتجاوز عمرها نحو سبعة آلاف عام، ولكن هذا غير صحيح، فهناك العديد من الدلائل التي تشير إلى وجود حياة منذ ملايين السنين في بقع نادرة بمصر.
هذه الدلائل تستطيع أن تجدها في صورة حفريات نادرة لأشجار وحيوانات عاشت منذ ملايين السنين في “محمية الغابة المتحجرة”.
وتقع محمية الغابة المتحجرة علي بعد 18 كيلومتر من شرق مدينة المعادي بمحافظة القاهرة شمال طريق القطامية – العين السخنة ، تعتبر الغابة المتحجرة بالمعادي (إحدى ضواحى القاهرة) والتي تكونت عبر ملايين السنين من الزمن الثالث لحقب الكاينوزوي، ويطلق علي هذه الغابة المتحجرة في كثير من المراجع العلمية اسم جبل الخشب ، وتعتبر هذه المنطقة أثراً جيولوجياً نادراً لايوجد له مثيل في العالم من حيث الاتساع والاستكمال .
وأكد الجيولوجيين أن المحمية تحتوي على جذوع أشجار منذ العصر الأولوجوسيني، وهو العصر الذي يقدر عمره بـ35 مليون عام، مع وجود حفريات من عصر الأيوسيني الذي يقدر عمره بما بين 56 و34 مليون سنة مضت.
وتضم المحمية نباتات نادرة بالغابة، مثل نبات التمركس ونرجس الجبل بجانب حيوانات متنوعة كالزواحف شديدة السمية، مثل ثعبان الطريشة والعقارب، وفصائل من الكلاب.
وتحجرت جذوع الأشجار الضخمة بعد أن تحولت جزيئات الخشب إلى أحجار بعد استبدال الجزيئات الخاصة بالخشب مع السيلكا والمنجنيز المكونة للأحجار، مع احتفاظ الخشب بنفسه، وهي عملية تأخذ ملايين السنين.
و تواجد الأشجار المتحجرة في منطقة صحراوية كهذه معناها إنه كانت هناك بيئة صالحة للحياة قبل ملايين السنين، متوقعا أن أحد فروع نهر النيل كان يصل إلى المنطقة وينعش الحياة فيها.
وتعد الغابة المتحجرة أثراً جيولوجياً نادراً لا يوجد له مثيل في العالم من حيث اتساعها وتنوع الخشب المتحجر، الذي من خلاله يمنح الجيولوجيين فرصة عظيمة لدراسة وتسجيل الحياة القديمة للأرض.
وتزخر منطقة الغابة المتحجرة بكثافة من السيقان وجذوع الأشجار المتحجرة ضمن تكوين جبل الخشب والذي ينتمي إلى العصر الأوليجوسينى «4432 – 35 مليون سنة».
يتكون جبل الخشب ويتكون من طبقات رملية وحصى وطفلة وخشب متحجر يتراوح سمكها 70 – 100متر وهذه الرواسب فقيرة في الحفريات والبقايا العضوية.
ومحمية الغابة المتحجرة غنية ببقايا جذوع وسيقان الأشجار الضخمة المتحجرة والتي تأخذ أشكال قطع صخرية سليسية ذات مقاطع أسطوانية تتراوح أبعادها من سنتيمترات إلى عدة أمتار وتتجمع مع بعضها على شكل غابة متحجرة.
والمحمية عبارة عن هضبة تكاد تكون مستوية بها بعض الجروف والتلال التي تم تعريضها بواسطة الرياح، ويغطي منطقة المحمية في معظم أجزائها تكوين جبل الخشب.
اختلفت النظريات التي تفسر أصل الجذوع والسيقان المتحجرة التي تغطي محمية الغابة المتحجرة ولكن أغلبها يجمع على أنها منقولة بواسطة مياه الأنهار إلى أماكن تجمعها الحالية حيث تم تحجرها ومما يؤكد ذلك الغياب التام لأي بقايا نباتية أخرى غير الجذوع مثل الأوراق والثمار كما أن الجذوع دائماً خالية من اللحاء.
وتكوّنت الغابة الحجرية قبل عصور ما قبل التاريخ، حيث اجتاحت الأشجار نهر النيل إلى أن استقرت في المنطقة الحالية، حيث تراكمت الرمال والحجارة والصخور على السطح، ولم يتم العثور على الخشب المتحجر، نظراً لأنه دُفن تحت طبقات التربة بعمق من 70 إلى 100 متر تحت سطح الأرض.
ورغم إعلان الغابة المتحجرة محمية طبيعية بموجب المرسوم رقم 944، إلا أن المنطقة تتعرّض لتهديد متزايد من قِبَل الزحف العمراني وتزايد أعمال البناء في جميع أنحاء المنطقة. كما أن معظم الحيوانات البرية والطيور على مدى العشرين سنة الماضية هاجرت بسبب الصيد وشق الطرق وأعمال البناء، ويوجد بالمنطقة عدد قليل من الثعالب والأرانب الصحراوية، والثعابين والسحالي والزواحف الأخرى التي لا تزال تعيش في المحمية في الحجور والأوكار.
وتكسو الغابة المتحجرة ألوان مختلفة للأشجار والنباتات داخل المحمية، بسبب عناصر مثل المنجنيز والحديد والنحاس، نظراً لأن تداخل هذه المعادن مع الماء والطين أثناء عملية التحجر يعطي الخشب مجموعة متنوّعة من الألوان وبلورات الكوارتز النقي عديمة اللون، ولكن عندما تتعرّض هذه البلورات النقية إلى التلوث البيئي تأخذ ألواناً مختلفة، مثل الأصفر والأحمر، وغيرها من الأشكال والألوان. ومع ذلك فإن تحجر الخشب يحافظ على الهيكل الأصلي للجذع في كل تفاصيله، وصولاً إلى المستوى المجهري.