القهوة بين التحريم في الشرق والعداء في الغرب
كتب – إيمان نبيل
تحرير – عبدالله سعيد
في القرن العاشر الهجري تحديدا عام 1511 ميلاديا 917 هجريا تم هدم المقاهي وحرقت حبوب القهوة وكل من يشربها تعرض للعقاب وقالوا عنها “انها شراب بارد مفسد للبدن المعتل” وحدث ذلك نتيجة محضر ارسله ناظر الحسبة بمكة خاير بيك الى السلطان الغوري يدين فيه القهوة من منظور طبي وشرعي ،وبناء عليه قام السلطان المملوكي بإصدار مرسوم بتحريم القهوة في الحجاز ومصر. اما في المملكة المتحدة وبعد دخولها الى العالم الغربي هوجمت القهوة بعداء شديد وتعرضت للهجمات من قبل “كنيسه انجلترا الأنجيلكانية” واعتبروا القهوة التي وصلت اليهم منتصف القرن السابع عشر مشروب إسلامي تركي يهدد الثقافة المسيحية وقال عنها مؤلف انجليزي: “انها شراب الشيطان طبخها بمساعده الاتراك لتدمير العالم المسيحي.”
اما عن القهوة وتاريخها ومتى انتشرت في العالم العربي فتعددت الأقاويل والاساطير في ذلك وتقول احد الروايات ان اكتشاف القهوة يعود الى تلميذ الشيخ ابي الحسن الشاذلي عمر وفقا للوقائع القديمة المحفوظة في مخطوطه عبد القادر عمر حيث نفي يوما ما من موكا الى كهف صحراوي بالقرب من أوساب ،وكان جائعا فمضغ الحب من الشجيرات القريبة لكنه وجدها مره حاول تحميص حبات البن لتحسين نكهتها إلا أنها أصبحت صلبة ثم حاول غليها لتليين البن فـ نتج عنها سائل بني اللون ذو رائحة عطره وعندما شربه شعر بنشاط استمر لعدة أيام. ويقال ان كلمه القهوة في اللغة العربية تشير إلى نوع من النبيذ ،وفي بعض الاحيان تعود اصل الكلمة الى الكلمة العربية قوى او “القوة ،الطاقة” او الى كافا مملكة القرون الوسطى في اثيوبيا ، وتم تصدير حبوب البن من اثيوبيا لأول مره الى اليمن بواسطه التجار الصوماليين من بربرة. و استخدمها الصوفيون في اليمن لمساعدتهم على التركيز و كنوع من الروحانية عندما يهتفون باسم الله.
الحكاية وفقا لـ كتاب (رسالة القهوة) تقول ان خاير بك ناظر الحسبة في مكة عندما كان يطوف بالكعبة شاهد جماعه من الناس يحتفلون بالمولد النبوي وهم يشربون شيئا ،وعندما سال عنه قالوا انه شراب يسمى القهوة جاءوا به من بلاد اليمن. وزاد من التحريض ضد المشروب الحديث فقالوا انه قد انتشر في مكة وصار يباع مثل الخمارات ويجتمع حوله الناس فاجتمع خاير بك بالعلماء والفقهاء و اخبروه بحرمه القهوة والاجتماع عليها ،وشهد البعض زورا انهم شربوها فتغيرات حواسهم وانكروا هيئتهم وتغير عقلهم ،فعمل خاير بك على منع القهوة وارسل محضر طويل الى السلطان قنصوه الغوري بمصر فقام الاخر بإصدار مرسوم سلطاني بتحريمها وانتشرت الفتن بين المؤيدين والمعارضين واغلقت بيوت القهوة في مكة والقاهرة ،ويقول في ذلك الدكتور علي جمعه مفتي الجمهورية السابق انها حرمت حوالي 400 عام حيث ظنها الفقهاء مسكره حتى قام احد علماء الازهر بجعل عشر طلاب يشربون القهوة فوجدهم في قمه التركيز وعكس ما يقال عنها مما جعله يطلق فتوى بانها حلال.
وعندما نذهب إلى الغرب تحديدا في إنجلترا قابلها الانجليز بعداء شديد واعتبروها مشروب تركي اسلامي يهدد ثقافتهم المسيحية وقالوا عنها انها مشروب الشيطان وان من يشربها يحمل ملامح الكفار ،وحاول ملك انجلترا تشارلز الثاني منع القهوة واغلاق المقاهي عام 1675 ولكن لم يصمد هذا القرار طويلا امام تعطش المجتمع الانجليزي للقهوة ،وكان تصرف انجلترا هذا على عكس المانيا وفرنسا اللتان رحبتا بالقهوة وانتشارها في مجتمعاتهم. وانتهى الامر عندما قام بابا الفاتيكان بتجربتها واعجبته وقال انها مشروب رائع لماذا نتركه للمسلمين حتى انه قام بتعميدها بالماء المقدس وهكذا ظنا منه قد تم تطهيرها ومباركتها حتى يستمتع الاوروبيون بها.
وبعد مرور قرون عديدة على ظهور القهوة وانتشارها في المجتمعات حتى تحريمها وإجازتها في بعضهم ،فلابد لنا من الحديث عن بعض فوائد القهوة ذلك المشروب الذي يعد من اكثر المشروبات انتشارا بين انحاء العالم حتى انه المشروب المفضل لـ غالبية الناس ،و تتمثل فوائده التي اثبتتها الابحاث منذ القدم وحتى الان فيما يلي:
تحسين الاداء البدني وفقدان الوزن وتقلل من خطر الإصابة ببعض الامراض مثل: السكتة الدماغية وايضا اظهرت الدراسات ان شرب القهوة بانتظام يقلل من الإصابة بمرض باركنسون بنسبه 25% كما يقلل ارتفاع مستويات الكافيين في الدم من خطر الإصابة بمرض الزهايمر ،كما انها تساعد على الوقاية من العدوى ،إضافة الى ذلك توقي من مرض السكري حيث يقلل الكافيين من حساسيه الانسولين ،و أثبتت أحد الدراسات أن تناول القهوة بشكل يومي يقلل من فرص التعرض للاكتئاب.
إذا لماذا مشروب كهذا يساعد على النشاط وزيادة الطاقة يتم تحريمه ومنع تداوله بين الناس ،مشروبا خالي من الكحول ولا يذهب العقل بل إنه يعمل على تجديد نشاطه ،ولم يقتصر ذلك على الشرق الإسلامي فحسب بل اعتبره الأوربيون في وقت ما سلاحا ضدهم.!