حادثة دنشواي عام 1906 في ذاكرة التاريخ
كتب – زينب غازي
عانت مصر من محن أكثر من الدول الأخرى للوصول إلى مكانه طبيعية وحادثة دنشواى تعبر عن تلك المعاناه و اللحظات الصعبة فى تاريخ مصر حيث خرج في يونيو 1906 بعض الضباط الإنجليز لصيد الحمام بالقرب من دنشواي ، إحدى قرى المنوفية ، وحذرهم الأهالي من اقتراب البارود من أجران القمح حتى لا تحدث حرائق كبيرة. لكن الضباط الإنجليز لم يعبئوا . و حدث أن أخطأت إحدي طلقات البنادق فأصابت إمرأة و قتلتها مما أثار غضب الأهالي من الضباط الانجليز ، فطاردوهم، حتي أصيب أحد الإنجليز بضربة شمس و مات.
انتقمت الإدارة البريطانية وأظهرت قسوة شديدة لترهب الحركة الوطنية وأحالت 52 فلاحاً للمحاكمة و انتهت المحاكمة إلي الحكم باعدام أربعة مصريين شنقا ومعاقبة 12 بالأشغال الشاقة المؤبدة و جلد خمسة.
و ترأس هذه المحكمة الظالمة – بخلاف القضاة الإنجليز – مصريان هما القاضي بطرس غالي والقاضي أحمد فتحي زغلول “شقيق سعد زغلول”، و كان ظلم جائر و تجنٍ واضح على المصريين وقد اعتبرتهم المحكمة جناة مع أن جنود الاحتلال الإنجليزي هم الذين اقتحموا أحد الأجران وهم من بدؤوا ضرب النار على الأهالي .
و يقول مدعي النيابة إبراهيم الهلباوي ضمن مذكرة إثبات التهمة على المصريين ما يلي : “هؤلاء السفلة، وأدنياء النفوس من أهالى دنشواى ، قابلوا الأخلاق الكريمة للضباط الإنجليز بالعصى والنبابيت، وأساءوا ظن المحتلين بالمصريين بعد أن مضى على الإنجليز بيننا خمسة وعشرون عاما، ونحن معهم فى إخلاص واستقامة” .
ندد الزعيم “مصطفي كامل” بالحادثة و بالاحتلال الانجليزي في كل من مصر و أوروبا، فقامت إنجلترا بسحب “اللورد كرومر” في أبريل 1907م و عينت “جرورست” معتمداً بريطانياً خلفاً له في مصر .
و قد هاجمت صحيفة اللواء التي أنشأها “مصطفى كامل” رئيس الوزراء المصري “بطرس باشا غالي” لموالاته للإنجليز و إصدار احكام بالإعدام و الجلد في حادثة دنشواي، مما أثار الرأي العام المصري ضد “غالي”.
وآغتال شابا وطنيا يدعى “إبراهيم الورداني” “بطرس غالي” عام 1910 أثناء خروجه من مقر رئاسة الوزراء ، تم القبض على الورداني و كانت المفارقة أن مدعي النيابة بمحاكمة دنشواي “إبراهيم الهلباوي” هو نفسه الذي دافع عن “الورداني”، و قد اعلن توبته علنا ، وقال عند الدفاع عنه : ” جئت نادما أستغفر مواطنينا عما وقعت فيه من أخطاء شنيعة ، اللهم إنى استغفرك وأستغفر مواطنينا ” ، لكن تم الحكم على الورداني بالإعدام.
و تعتبر حادثة اغتيال “بطرس غالي” هي ثاني حادثة اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث بعد اغتيال “كليبر” .