كتب_زينب غازي
عرفت المدينة قديماً قبل الفتح العربي باسم «جيزة دمياط»، أي «ناحية دمياط»، وعندما زارها المقريزي سماها «مرج البحرين».
أطلق “المقريزي” من أشهر المؤرخين في فترة حكم المماليك على منطقة اللسان «مرج البحرين» إذ تجسدت فيها عظمة الخالق عز وجل في التقاء البحر المتوسط بنهر النيل العظيم كما ذكر في كتابه الحكيم قال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاّ يَبْغِيَانِ).
واكتسب اسمها الحالي «رأس البر» بسبب موقعها على خريطة مصر حيث تعد أول مدينة مصرية تطل على ساحل البحر المتوسط، وتشكل أراضيها لساناً من اليابسة داخل الماء.
وتعود نشأة المدينة إلى عام 1823، حين كان مشايخ الطرق الصوفية وأتباعهم بدمياط يسيرون نحو الشمال مع النيل للاحتفال بمولد «الشيخ الجربي» بمنطقة الجربي جنوب رأس البر. وتردد التجار على رأس البر قديماً لمقابلة سفنهم العائدة من رحلاتها التجارية، وأخذت المدينة تكبر يوماً بعد يوم، إلى أن أصبحت في جمال شواطئها وهدوء مقامها تنافس المصايف المصرية الشهيرة على ساحل المتوسط.
وظلت المدينة مصيفاً لكثير من مشاهير السياسة والفن في مصر قبل ثورة يوليو 1952 وبعدها. ومن أبرز هؤلاء المطربة أم كلثوم، والموسيقار محمد عبد الوهاب، والعديد من الوزراء.
رأس البر واحدة من أقدم وأجمل المصايف التي عرفتها مصر، تأسست رأس البر كمدينة في عام 1823 عن طريق مشايخ الصوفية في دمياط، الذين كانوا يأتون إليها سنويًا لأداء شعائرهم الدينية في جو هادئ على ضفاف النيل في منطقة الجربي، كما كان أصحاب السفن والتجار يأتون إلى رأس البر لاستقبال سفنهم العائدة من البحر.
تشتهر المدينة حالياً بكونها مصيف الطبقة الوسطى من المصريين نتيجة لأسعار الإقامة بها التي تعد في متناول أيديهم. وتمتاز المدينة بوجود عدد من المزارات الجميلة، من أهمها منطقة اللسان، وفنار رأس البر التي شيدت عند شاطئ البحر المتوسط لترشد السفن ليلاً، والتي شهدت المنطقة المحيطة بها تطويرا جعلها مزاراً مهماً، ومنطقة الجربي التي كانت تشهد قديماً الاحتفالات بمولد سيدي الجربي، وكورنيش النيل.
العشش هو الاسم الدارج بين أهالي المدينة والذي يطلق على المنازل المصيفية، ويعود أصل تلك التسمية إلى الوقت الذي بدأت تدب فيه الحياة بالمدينة، بعدما اعتادت بعض الأسر المصرية من قاطني مدن الدلتا الخروج للتنزه في مراكب شراعية في النيل خلال فصل الصيف، وصولا إلى الشاطئ النهري للمدينة وهناك أقاموا أكواخا بدائية من البوص ليقيموا فيها بعض الوقت، وهو ما اصطلح على تسميته «العشش»، والتي تحولت فيما بعد إلى مبان أسمنتية، وفيلات فاخرة.
وتم وضع أول خريطة هندسية للمدينة في عام 1902 تظهر فيها مواقع العشش وأرقامها والأسواق وغيرها، كما تمت إضاءة شوارعها بالفوانيس. مما ساهم في بقاء المدينة حتى وقتنا الحاضر في مظهر حضاري ومنظم بعيداً عن العشوائيات.
اغتنم أهالي المدينة الإمكانيات الطبيعية التي حبى الله بها مدينتهم، وبدؤوا في إقامة عشش لتأجيرها للمصطافين، في بداية كل صيف، وذلك منذ بدايات شهر مايو وحتى شهر سبتمبر من كل سنة، لأن مياه البحر كانت تُغرق العشش في الشتاء، وهو ما تم علاجه لاحقا ببناء مصدّات إسمنتية للأمواج. كما أقامت مصلحة الموانئ المصرية رصيفاً من الأسمنت المسلح طوله 250 متر وعرضه متران ونصف المتر لوقاية ساحل المدينة من التآكل وهو ما يعرف الآن بـ«منطقة اللسان».