حوادث

صرخة زوجة.. عذراء من يوم زفافي!

كتب عثمان رمضان شبل

جمع بينهما الجوار في السكن عندما كانا طفلين، فمنذ الصباح الباكر وهما لايفترقان، فهي تحمل حقيبة كتبها المدرسية وتزين ضفائر بالشريط الملون، وهو بالبنطلون القصير، وبشقاوته.  وفتوته، وطوال المرحلة الابتدائية وهما رفيقان، فقد فرض نفسه حاميا لها، وحارس عليها يبعد عنها مضايقات ومعاكسات أولاد الحي.

حصلا معا على الثانوية العامة  بتفوق، ووقفا معا على بداية المرحلة الجامعية، وبدأت مرحلة الانوثة حيث برزت مفاتنها، وهو الآخر يعيش مرحلة جديدة انتقلت به من الطفولة والصبا إلى الرجولة التي تبدو مشاعرها على صوته وجسده، تملك الحب من قلبيهما، وفي إحدى جلساتهما التي كانا يختلسانها من وراء الأسرة قال لها: والفرحة تجلجل صوته، لقد حصل كل منا على مجموع كبير يؤهله الالتحاق بالكلية التي يريد دخولها، وصمت ثم نظر إليها قائلا: فاكرة لما قولت لي نفسي اشوفك دكتور، وبصوت مفعم بالحب قالت له: لقد تقدمت انا أيضا إلى كلية الطب، وطوال فترة دراستها في الكلية وهما يرتشفان من كأس الحب ويرفعهما إلى التفوق والنجاح حتى اجتازا معا البكالوريوس، فتخصصت هي في أمراض النساء والتوليد، وهو في أمراض العظام.

لم يكن هناك حائلا أو عائق يقف أمام احلامهما، فالأسرتان تغرف تعلق كل منهما بالآخر منذ طفولتهما، وانتهت قصة حبهما بالزواج، والفرحة التي غمرت مشاعرها.

بهذه المقدمة بدأت الزوجة حديثها أمام محكمة الأحوال الشخصية، واستكملت، وبصوت مبحوح يشوبه ألم وغصة قائلة: لقد تحقق حلم حياتي بالزواج ممن أحببته منذ طفولتي، لكن السعادة وهم يتخيله الانسان بأنه ملك الدنيا ومافيها، وصمتت قليلا، وبوجه يعلوه دهشة، وحمرة الخجل تقول: لقد اعترضت سعادتي صخرة كبيرة وقف أمامها زوجي، ومضت شهور وانا صريعة الألم والعذاب، واتساءل  ألم يجعل الله الزواج للمعاشرة والانجاب، وتنظر إلى القاضي قائلة: بالله عليك ياسيدي القاضي كيف تقبل زوجة محبة للحياة بجانب زوجها وهي تقاسمه فراشه أن تظل عذراء لأكثر من عام ونصف، وعندما صارحته بأن يفسر لي موقفه، كانت اجابته بأنه مريض بمرض نفسي، لم اتركه وذهبنا إلى أكثر من طبيب نفسي لكن لا فائدة.

وبأنين ودموع تتساقط ببطء شديد على وجنتيها تكمل قائلة: كتمت تعاستي عن اسرتي التي كانت تتوق إلى أن تراني أما، لكن خاب رجائي في أن أعيش كغيري من الزوجات والأمهات، فلا انا زوجة، ولا أنا أم أشعر بطفل يناديني، وانهمرت في بكاء مرير، تطلب بطلان عقد زواجها بعدما خدعها حبيب الطفولة، وأخفى عنها إنه فاقد الرجولة لايصلح أن يكون أبا، ولا تستطيع البقاء معه على هذا الوضع لأكثر من عام ونصف!

أحالت المحكمة الزوجين إلى الطب الشرعي  الذي جاء تقريره بأن الزوجة مكتملة الأنوثة، لايعيبها أي عيب عضوي، وأنها مازالت عذراء، والزوج مكتمل الرجولة ولايعيبه غير أنه مصاب بمرض نفسي يحول دون الاستجابة إلى رغبة الزوجة ومشاعرها، وحكمت المحكمة برفض دعوى الزوجة ببطلان عقد زواجها.

لكن الزوجة قامت بالاستئناف على حكم المحكمة أمام المستشار، أحمد عبد الجليل، وأمانة سر حسن حميدة، والتي قضت بإلغاء حكم محكمة أول درجة، وذكرت في حيثيات حكمها بأنه لما كان الزوج مصاب بمرض نفسي قد أدى إلى انعدام القدرة على المعاشرة الزوجية فإن ذلك يعتبر من قيام انعدام العقد، وكما أفاد تقرير الطب الشرعي المرفق بأن المستانفة لازالت عذراء من وقت زفافها منذ عام ونصف، ومن ثم لم تأخذ محكمة أول درجة بهذا، وتعتبره بأسبابه مكملا لقضائها، لذا بكون استمرار الزواج باطلا وغير محقق لما أنشئ من أجله وهو المعاشرة والانجاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى