عام المجتمع المدنى التمنيات والواقع
كيف سيمكن ترجمة اعتبار عام ٢٠٢٢، عاما للمجتمع المدنى، على أرض الواقع
أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى من مدينة شرم الشيخ توصيات الدورة الرابعة من منتدى الشباب العالمى الذى انعقد لمدة أربعة أيام بخلاف ورش العمل.التوصيات كثيرة مثل تكوين مجموعات شبابية مصرية ودولية للمشاركة فى تنظيم قمة المناخ فى شرم الشيخ فى الخريف المقبل، وتكليف مجلس الوزراء بإعداد تصور شامل لتحقيق امتداد أفريقى لمبادرات التنمية المصرية، وكذلك إعداد تصور شامل يعبر عن رؤية مصر لإعادة إعمار مناطق الصراع إقليميا، وإطلاق حملة دولية قوامها شباب مصر والعالم المشارك فى المنتدى للتعريف بقضايا الموارد المائية.لكن التوصية التى لفتت نظر كثيرين هى إعلان الرئيس اعتبار عام ٢٠٢٢ عاما للمجتمع المدنى.وفى تفصيل هذه التوصية فسوف تقوم إدارة المنتدى والمؤسسات المعنية بإنشاء منصة حوار تفاعلية بين الدولة والشباب ومؤسسات المجتمع المدنى المحلية والدولية.وكذلك التفاعل بين شباب مصر والعالم لتبادل الرؤى والأفكار على أن يتم عرض نتائجها بشكل دورى على مختلف مؤسسات الدولة ورؤية استشرافية للدولة تجاه جميع القضايا والموضوعات ذات الاهتمام.ما سبق هو ما جاء فى التوصيات، والآن نكرر السؤال الذى بدأنا به وهو: كيف يمكن ترجمة هذه التوصية على أرض الواقع، بحيث تقود إلى تغيير فعلى بين علاقة الدولة والمجتمع المدنى بما يؤدى إلى تقدم المجتمع بأكمله.أظن أن هذه التوصية ستجد صدى بين كل المهتمين بتقوية وتفعيل وتشجيع ودعم المجتمع المدنى طالما أنه سيؤدى إلى تقدم المجتمع بصفة عامة.مبدئيا فإن هناك خلطا وتشوها فى تعريف تعبير «المجتمع المدنى» بسبب ما رافق أحداث وتطورات ونتائج ثورة ٢٥ يناير.هذا الخلط مرده أن البعض يقصر تعريف المجتمع المدنى ويختزله فى بعض المنظمات والجمعيات السياسية والحقوقية فقط، فى حين أنه يشمل كل المنظمات والجمعيات والمؤسسات والهيئات غير الحكومية العاملة والناشطة فى جميع المجالات، وليست فقط السياسية والحقوقية.وبالطبع لم تكن العلاقة صحية بين الدولة المصرية والجمعيات الحقوقية والسياسية منذ ٢٠١١ وحتى الآن والأسباب كثيرة ومعروفة، فالدولة تتهم هذه الجمعيات بأنها تعمل بالسياسة فقط ولمصالح حزبية وفئوية سياسية داخلية وخارجية، فى حين أن المنظمات تتهم الحكومة بأنها تقمعها طوال الوقت لأنها تعارض سياساتها وتوجهاتها.الدولة تقول إن هناك أكثر من ٥٠ ألف جمعية أهلية، وعددا من الجمعيات التى تعمل فى المجال الحقوقى والسياسى قد تكون أقل من مائة جمعية، وبالتالى وجب التركيز على الغالبية العظمى من هذه الجمعيات وتشجيعها، وليس الإنصات فقط لعدد قليل جدا من الجمعيات الحقوقية المعارضة، خصوصا أن هناك رأيا يرفض أن تتحول بعض المنظمات جسرا لتحقيق مصالح أجنبية.أتمنى أن تنفتح الدولة والحكومة والنظام على كل الجميعات الراغبة فى العمل المدنى طالما التزمت بالقانون والدستور.وأتمنى أن تنفتح الحكومة أكثر على المجتمع المدنى وتدرك أنه قوة فاعلة يمكنها أن تحقق نتائج إيجابية كثيرة فى مجالات لا تصل إليها الحكومة. وأتمنى أن تمدد الحكومة المهلة للجمعيات الأهلية الجادة والوطنية التى لم توفق أوضاعها، وهى المهلة التى انتهت يوم ١١ يناير الماضى.وأتمنى أن تسهل الحكومة عمل كل جمعية تريد خدمة المجتمع، وألا ترهقها بالشروط الصعبة التى تكبل عملها.وفى المقابل أتمنى من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى أن يكون عملها فى النور، وألا تكرر تجربة بعض الجمعيات التى ألقت بنفسها فى أحضان كل الشياطين، من أجل تحقيق منافع مادية لنفسها ومنافع سياسية لمؤسسات وأجهزة أجنبية.من يريد العمل الأهلى فليتقدم ولا يخلط ذلك بالسياسية، أو عليه العمل العلنى بالسياسة، لكن مرة أخرى الكرة فى ملعب الحكومة التى ينبغى عليها تشجيع وتسهيل عمل منظمات المجتمع المدنى، طالما أن الأخيرة تعمل فى إطار القانون.توصية اعتبار ٢٠٢٢ عاما للمجتمع المدنى شديدة الأهمية، ومن المهم أن نرى ترجمة حقيقية فى علاقة الدولة بالمجتمع المدنى فى هذا العام حتى تزيد مناعة المجتمع ضد كل الفيروسات الخارحية.