كلام في الصميم مع الحقوقي أحمد سالم {حوار العابد والمجنون}
حوار شيّق
.مر مجنون على عابد يناجي ربه وهو يبكي والدموع منهمرة على خديه وهو يقول:-ربي لا تدخلني النار فارحمني وأرفق بي .يا رحيم يا رحمان لا تعذبني بالنار .إني ضعيف فلا قوة لي على تحمل النار فارحمني .وجلدي رقيق لا يستطيع تحمل حرارة النار فارحمني .وعظمي دقيق لا يقوى على شدة النار فارحمني .ضحك المجنون بصوت مرتفع فالتفت إليه العابد قائلاً :-ماذا يضحكك أيها المجنون ؟؟!!.قال:- كلامك أضحكني .قال العابد:- وماذا يضحكك فيه ؟قال المجنون:- لأنك تبكي خوفا من النار .قال العابد:- وأنت ألا تخاف من النار ؟؟!.قال المجنون :- لا. لا أخاف من النار .ضحك العابد وقال:- صحيح أنك مجنون .قال المجنون :- كيف تخاف من النار أيها العابد وعندك رب رحيم رحمته وسعت كل شيء ؟!قال العابد :- إن علي ذنوبا لو يؤاخذني الله بعدله لأدخلني النار وإني أبكي كي يرحمني ويغفر لي ولا يحاسبني بعدله بل بفضله ولطفه ورحمته حتى لا أدخل النار ؟؟هنالك ضحك المجنون بصوت أعلى من المرة السابقة .أنزعج العابد وقال:- ما يضحكك ؟؟!قال:- أيها العابد عندك رب عادل لا يجور وتخاف عدله ؟!عندك رب غفور رحيم تواب وتخاف ناره ؟؟!قال العابد:- ألا تخاف من الله أيها المجنون؟!قال المجنون:- بلى , إني أخاف الله ولكن خوفي ليس من ناره ..تعجب العابد وقال:- إذا لم يكن من ناره فمما خوفك ؟؟!.قال المجنون:- إني أخاف من مواجهة ربي وسؤاله لي :-لماذا يا عبدي عصيتني ؟؟!فإن كنت من أهل النار فأتمنى أن يدخلني النار من غير أن يسألني فعذاب النار أهون عندي من سؤاله سبحانه .إن كان دخولي النار يرضي حبيبي فلا بأس .تعجب العابد وأخذ يفكر في كلام هذا المجنون .قال المجنون:- أيها العابد سأقول لك سر فلا تذيعه لأحد .ما هو هذا السر أيها المجنون العاقل ؟أيها العابد إن ربي لن يدخلني النار أتدري لماذا ؟؟لماذا يا مجنون ؟قال المجنون:- لأني عبدته حباً وشوقاً وأنت يا عابد عبدته خوفا وطمعاً ..وظني به أفضل من ظنك ورجاءي منه أفضل من رجاءك فكن أيها العابد لما لا ترجو أفضل مما ترجو.فموسى عليه السلام ذهب لإحضار جذوة من النار ليتدفىء بها فرجع بالنبوة ..ذهب المجنون يضحك والعابد يبكي …… ويقول:- لا أصدق أن هذا مجنون فهذا أعقل العقلاء وأنا المجنون الحقيقي فسوف أكتب كلامه بالدموووووووع ………..قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب” رضي الله عنه” :- “كُنْ لِمَا لَا تَرْجُو أَرْجَى مِنْكَ لِمَا تَرْجُو، فَإِنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ “عليه السلام” خَرَجَ يَقْتَبِسُ لِأَهْلِهِ نَاراً فَكَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَرَجَعَ نَبِيّاً، وَخَرَجَتْ مَلِكَةُ سَبَإٍ فَأَسْلَمَتْ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَخَرَجَ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ يَطْلُبُونَ الْعِزَّةَ لِفِرْعَوْنَ فَرَجَعُوا مُؤْمِنِينَ”………إِلهِي كَيْفَ أنْساكَ وَلَمْ تَزَلْ ذاكِري، وَكَيْفَ ألْهُو عَنْكَ وَأنْتَ مُراقِبي، إلهي بِذَيْلِ كَرَمِكَ أعْلَقْتُ يَدي، وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ أمَلي، فَاَخْلِصْني بِخالِصَةِ تَوْحيدِكَ، وَاجْعَلْني مِنْ صَفْوَةِ عَبيدِكَ، يا مَنْ كُلُّ هارِب إلَيْهِ يَلْتَجِئُ، وَكُلُّ طالِب إيّاهُ يَرْتَجي، يا خَيْرَ مَرْجُوٍّ وَيا أكْرَمَ مَدْعُوٍّ، وَيا مَنْ لا يَرُدُّ سائِلَهُ وَلا يُخَيِّبُ أمِلَهُ، يا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعيهِ، وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجيهِ، أسْاَلُكَ بِكَرَمِكَ أنْ تَمُنَّ عَلَيَّ مِنْ عَطائِكَ بِما تَقِرُّ بِهِ عَيْني، وَمِنْ رَجائِكَ بِما تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسي، وَمِنَ الْيَقينِ بِما تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيَّ مُصيباتِ الدُّنْيا، وَتَجْلُو بهِ عَنْ بَصيرَتي غَشَواتِ الْعَمى، بِرَحْمَتِكَ يا أرْحَمَ الرّاحِمينَ.