اخبار محلية

كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الـ ٢٥ لمنتدى سان بطرسبرج الاقتصادي

كتب عثمان رمضان شبل

بسم الله الرحمن الرحيم

فخامة الرئيس/ فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية

السيدات والسادة.. الحضور الكريم

اسمحوا لي بداية، أن أتقدم لفخامة الرئيس “فلاديمير بوتين” بخالص التهنئة، بمناسبة حلول اليوبيل الفضي لتدشين “منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي” والذي أصبح منذ عقده لأول مرة عام ١٩٩٧، منصة رائدة لمجتمع الأعمال، وحدثًا اقتصاديًا متميزًا يسعى لمناقشة القضايا الاقتصادية الرئيسية التي تواجه الأسواق الناشئة والعالم.

السيدات والسادة

تحل جمهورية مصر العربية كدولة ضيف، في دورة المنتدى لهذا العام، في ذكرى انطلاقه الخامسة والعشرين بما يؤكد على المستوى المتميز الذي وصلت إليه العلاقات الاقتصادية المصرية الروسية على مدى السنوات الأخيرة.

ويعقد منتدى هذا العام، في ظل ظروف وتحديات سياسية واقتصادية غير مسبوقة، وذات طبيعة استراتيجية ونأمل في أن تسهم مخرجات المنتدى في إيجاد الحلول الفعالة لهذه التحديات وبالشكل الذي يخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعياتها السلبية على العديد من دول العالم، وخصوصـًا على اقتصادات الدول الناشئة وكذلك على النحو الذى يأخذ في الاعتبار مخاوف ومصالح جميع الأطراف ويحقق أمن الشعوب والطمأنينة لها عبر تفاهمات سياسية طويلة المدى تفتح المجال لنمو الاقتصاد العالمي لاسيما في أعقاب جائحة “كورونا” الحادة التي كلفت مجتمعاتنا ضحايا وأموالًا وموارد طائلة تجعلنا حريصين على تفادي أي تباطؤ في الاقتصاد العالمي.

السيدات والسادة

دعوني أغتنم هذه الفرصة، لأؤكد أن جمهورية مصر العربية، تعتز بعلاقات الصداقة التاريخية الوطيدة مع روسيا الاتحادية كما تعتز بالتطور الملموس، الذي شهدته العلاقات بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، في العديد من القطاعات الحيوية، لاقتصاد البلدين ولرفاهية الشعبين.

لقد انخرطت جمهورية مصر العربية وروسيا الاتحادية على مدار السنوات الأخيرة، في تنفيذ مشروعات كبيرة وطموحة تخدم بلدينا، وتستجيب لتطلعات شعبينا، في تحقيق مزيد من التقدم الاقتصادي ولعل أبرزها: مشروع إنشاء المحطة النووية بالضبعة والذي يأتي في سياق استراتيجية الدولة المصرية للتوسع في المشروعات القومية لاستخدام مصـادر الطاقة الجديدة والمتجددة وكذا مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية، بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ليكون منصة مهمة، للنهوض بالصناعة في أفريقيا بالإضافة إلى التعاون بين البلدين، لتطوير شبكة السكك الحديدية المصرية وغيرها من المشروعات المشتركة، التي تحقق مصلحة الشعبين.

السيدات والسادة

ليس خفيا على حضراتكم، ما شهدته جمهورية مصر العربية، خلال العقد الماضي من أحداث استثنائية، كان لها تأثير بالغ على مجمل الوضع الاقتصادي في البلاد وقد نهض الشعب المصري للعبور من هذه الأزمة، من خلال دعم رؤية واضحة، عمادها الأساسي هو الاستثمار في الإنسان المصري وتنمية قدراته.

ومن هذا المنطلق، جاء تدشين “رؤية مصر ٢٠٣٠” لتعكس خطة استراتيجية طويلة المدى للدولة، لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وتأسيسًا على هذه الرؤية، قامت الحكومة المصرية بتحديث البنية التشريعية، من أجل أن تتمكن مصر من استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية مما أهل مصر لتكون صاحبة المركز الأول، للدول الجاذبة للاستثمارات الأجنبية في أفريقيا ولتصبح إحدى الدول القليلة في العالم، القادرة على تحقيق معدل نمو وصل إلى نسبة “٣,٣٪” في عام ٢٠٢١ على الرغم من التحديات السلبية لانتشار فيـروس “كورونا” على الاقتصـاد العالمي في الوقت الذى نتوقع فيه، أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة “٥,٥٪”، خلال العام المالي الجاري، كما زادت صادرات البلاد غير النفطية خلال عام ٢٠٢١ لتبلغ “٣٢” مليار دولار.

كما نجحت مصر، في إطار استراتيجيتها لتعظيم قدراتها، من أجل تنفيذ مشروعات زراعية عملاقة، تستهدف زيادة الرقعة الزراعية بنحو ٢ مليون فدان فضلًا عما تنفذه مصر من مشروعات ضخمة في مجال النقل والمواصلات، عبـر مـد آلاف الكيلـومتـرات مـن الطرق وتطوير منظومة النقل المصرية، عبر إدخال مشروعات جديدة، مثل مشروع القطار السريع، الذي سيمثل وسيلة للربط بين البحرين الأحمر والمتوسط الأمر الذي من شأنه تعزيز وتسهيل حركة التجارة الدولية.

ويضاف إلى ذلك المشروعات الصناعية العملاقة، والعديد من المشروعات في مجال إنتاج الطاقة النظيفة، التي تدشن في مصر بمعدل متسارع، على مدار الفترة الأخيرة.

وعلى الرغم من الجهود الوطنية سالفة الذكر، إلا أن العمل المصري ومحاولات النهوض، اصطدمت مؤخرًا بأزمات اقتصادية خلفتها جائحة “كورونا” والتي ما لبث العالم أن يتعافى جزئيًا من آثارها حتى أطلت علينا أزمة اقتصادية كبرى ألقت بظلالها على معدلات النمو وأثرت سلبًا على موازنات الدول بالنظر لارتفاع أسعار المحروقات وتراجع أسعار العملات الوطنية في مواجهة العملات الصعبة فضلًا عن اضطراب سلاسل الإمداد، ومن ثم ظهور أزمة الغذاء، وكذا عدم انتظام حركة الطيران المدني، بما يرتبط بهذا القطاع من مجالات حيوية بالنسبة للاقتصاد المصري، وفي مقدمتها السياحة والتأمين.

إن التصدي لهذه الأزمة ذات الطابع الدولي يتطلب أيضًا جهدًا دوليًا، وتعاونًا من جميع الأطراف من أجل إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي لاسيما حركة الملاحة البحرية، وانتظام سلاسل الإمداد خاصة المواد الغذائية كالحبوب والزيوت النباتية والعمل على استعادة الهدوء والاستقرار على الصعيد الدولي من أجل التخفيف من آثار هذه الأزمة الاقتصادية على الشعوب، التي تنشد السلام والتنمية.

كما أنني أدعو كافة الشركات المشاركة في المنتدى وغيرها، للاستفادة من الفرص الضخمة المتاحة، التي يوفرها الاستثمار في مصر بكافة المجالات.

ولن يفوتني قبل أن أختتم كلمتي أن أوجه التحية لأهالي مدينة “سان بطرسبرج” الباسلة المناضلة على مر التاريخ والتي تمثل في الوقت ذاته رمزًا للثقافة والانفتاح على العالم الخارجي.

وختامًا، أود أن أكرر شكري لفخامة الرئيس “فلاديمير بوتين” على دعوته الكريمة لمصر للمشاركة في هذا المنتدى باعتبارها ضيف هذه الدورة آملًا للمنتدى والمشاركين فيه كل النجاح والتوفيق ولبلدينا الصديقين مزيدًا من التعاون البناء، والازدهار والتقدم داعين المولى “عز وجل” أن يعم السلام والاستقرار ربوع العالم وأن يجنب شعوبنا ويلات الحروب وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية عبر تغليب لغة الحوار والتفاهم والعيش المشترك.

وشكرًا جزيلًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى