كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة ثورة ٣٠ يونيو
شعب مصر العظيم..
أيها الشعب الأبي الكريم،
نحتفل اليوم بالذكرى السابعة لثورة الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، تلك الثورة المجيدة التي سطرت خلالها جماهير أمتنا بإرادتها الأبية ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن، وبرهنت بعزيمتها القوية على أن الشعوب حينما تنتفض لا يمكــن أن يقــف أمامــها أي عائـــــق.
السيدات والسادة،
لقد تابع العالم أجمع باندهاش وإعجاب انطلاق شرارة ثورتنا المباركة التي قضت على كل محاولات البعض المستميتة لطمس الهوية الوطنية فقد ظن هؤلاء، ومن يقف وراءهم أن مصر قد دانت لهم دون غيرهم من أبناء الوطن وأن أهدافهم التي يسعون إليها قد أصبحت قريبة المنال فخرجت جموع الملايين معلنة رفضها القاطع لكل محاولات اختطاف الوطن الذي تولى أمره من لا يدرك قيمة وعظمة مصر.
وفى خضم هذه الأحداث كانت القوات المسلحة تتابع وتراقب مطالب جماهير هذا الشعب العظيم حيث انحازت إلى الإرادة الوطنية الحرة وذلك استنادًا إلى ثوابتها التاريخية وعقيدتها الراسخة، وباعتبارها ملاذ الشعب الآمن وسنده الأمين واتخذت قرارها التاريخي بمشاركة مختلف القوى والتيارات السياسية بوضع خارطة مستقبل تسير الدولة المصرية على خطاها للعبور من الفوضى والعبث إلى بر الأمان.
شعب مصر العظيم،
إننا ننظر إلى واقعنا الراهن باعتباره حلقة جديدة من سلسلة حلقات تاريخنا المتصل نرصد الظواهر المتغيرة والتحديات المتجددة نحاول جاهدين أن نبني وننمي لنغير الواقع الحالي على نحو نرضاه ونفتخر به واضعين نصب أعيننا أن تكون مصر قادرة على توفير حياة كريمة لأبنائها وللأجيال القادمة مع إدراك متغيرات العصر المتسارعة وشواغله الجديدة.
ولقد كنا ندرك منذ اللحظة الأولى لثورة ٣٠ يونيو المجيدة أننا سنخوض مواجهات عنيفة مع تنظيم إرهابي دولي غادر لا يعرف قدسية الأرواح وحرمة الدماء ومن هنا كان خطر الإرهاب على رأس ما نواجهه من تحديات على مدار السنوات الماضية حيث سعت أيادي الشر لترويع الآمنين في ربوع مصر وخلق حالة من الفوضى من خلال العنف المسلح في محاولة بائسة للعـودة مـرة أخرى للحكم، وهنا أثبت الشعب البطل أصالة معدنه وصلابة عقيدته من خلال الوقوف خلف رجال قواته المسلحة البواسل، ورجال الشرطة الأوفياء الذين سطروا ملاحم البطولة والفداء حيث استطاعوا خلال السبعة أعوام الماضية أن يقضوا على البنية التحتية لتلك العناصر الإجرامية وفى هذه المناسبة أوجه التحية والتقدير باسم شعب مصر كله إلى أرواح شهدائنا الأبرار الذين روت دماؤهم الزكية ثرى مصر الطاهر.
الإخوة والأخوات.. أبناء شعب مصر،
لم تكن ثورة الثلاثين من يونيو مجرد انتفاضة شعبية على نظام حكم لا يرضى عنه الشعب وإنما كانت تغييرًا لمسار أمة تملك رصيدًا كبيرًا من المجد، وتاريخًا فريدًا من الحضارة، ومكانًا عظيمًا بين الأمم الأخرى وتتطلع إلى أن تعود إلى سيرتها الأولـى وتتبـوأ مكانتها التي تستحقها فكانت الإصلاحات الاقتصادية بمثابة وقفة جادة مع النفس صارحنا فيها أنفسنا بحقيقة وضعنا الاقتصادي ووجدنا أنه لا سبيل أمامنا سوى المضي قدمًا في هذا الطريق الصعب باتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الجذرية ترتكز بالأساس على إعادة بناء الاقتصاد الوطني والتي لولا تحمل الشعب لها وثقته في نفسه وفى قيادته ما كانت لتؤتي ثمارها حيث حققنا في هذا المقـام إنجــازات شــهد لها العالــم بأســـره ولقد أثبت شعب مصر العظيم أن لديه من قوة الإرادة وصلابة العزيمة للمضي دائمًا للأمام متخطيًا جميع الصعاب والتحديات وأؤكد لكم أن الدولة تقدر حجم التضحيات التي تحملها شعب مصر العظيم وإننا مستمرون في العمل على الإصلاح والتطوير إدراكًا منا لضرورة مواجهة الأزمات التي طال أمدها في الدولة، وها نحن اليوم نخوض اختبارًا جديدًا في مواجهة تحدى جائحة “كورونا”، والتي تتأثر بها الإنسانية بأسرها، وأقول لكم بكل صراحة وصدق إن من حق الشعب المصري أن يفخر بتضحيات أبنائه الأوفياء من الأطقم الطبية والقائمين على المنظومة الصحية بالدولة لمحاصرة فيروس “كورونا” واحتـواء تداعياتـه، وهو الأمر الذى يستوجب منا – بلا شك – التوقف أمامه باعتباره شاهدًا على تفرد وصلابة الشعب المصري وقدرة مؤسسات دولته التي تسعى
جاهدة لتحقيق التوازن بين حماية المواطنين من خطر الفيروس وبين استمرار دوران عملية الإنتاج والتنمية.
شعب مصر العظيم،
إن مستقبل الأوطان لا تصنعه الأماني البراقة والشعارات الرنانة، ولعلكم تدركون أن أمن مصر القومي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن محيطها الإقليمي فهو لا ينتهي عند حدود مصر السياسية بل يمتد إلى كل نقطة يمكن أن تؤثر سلبًا علــــــــــــى حقــــــــــــوق مصـــــــــــــــــر التاريخيــــــــــــــة، ولا يخفى على أحد أننا نعيش وسط منطقة شديدة الاضطراب، وأن التشابكات والتوازنات في المصالح الدولية والإقليمية في هذه المنطقة تجعل من الصعوبة على أية دولة أن تنعزل داخل حدودها تنتظر ما تسوقه إليها الظروف المحيطة بها؛ ومن هنا كان استشراف مصر لحجم المخاطر والتحديات التي ربما تصل إلى تهديدات فعلية تتطلب التصدي لها بكل حزم على نحـو يحفـظ لمصر وشعبها الأمن والاستقرار، ورغم امتلاك مصر لقدرة شاملة ومؤثرة في محيطها الإقليمي إلا أنها تجنح دائمًا للسلم يدها ممدودة للجميع بالخير والتعاون لا تعتدى على أحد ولا تتدخل في الشئون الداخلية لأحد لكنها في الوقت نفسه تتخذ من الإجراءات ما يحفظ لها أمنها القومي هذه هي سياسة مصر التي تتأسس على الشرف في كل تعاملاتها دون التهاون في حقوقها.
شعب مصر العظيم،
وفى الختام // نحن على ثقة تامة بأننا بالإرادة والعزم قادرون بعون الله على تحقيق رؤيتنا المضيئة التي نحلم بها لوطننا الغالي كما أؤكد لشعبنا العظيم أننا ماضون على عهدنا نحمي وطننا، ونجدد وعدنا بألا نفرط أبدًا في حق من حقوقه.
أتوجه إليكم جميعًا مجددًا بالتحية والتقدير،
كل عام وأنتم بخير.. ومصر العزيزة في أمان وتقدم،
تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.