كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بمناسبة الذكرى ال “٥٢” لنصر حرب أكتوبر المجيدة

كتب عثمان رمضان شبل
بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم،
أبناء قواتنا المسلحة الباسلة،
السيدات والسادة،
في هذا اليوم المجيد نقف جميعًا وقفة عز وفخر نحيي فيها ذكرى يوم خالد في تاريخ ووجدان الأمة، يوم السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣، ذلك اليوم الذي أضاف لمصر والعرب جميعا فخرًا ومجدًا، إنه يوم الانتصار العظيم يوم العبور يوم وقف فيه العالم احترامًا وإجلالًا لعظمة وإرادة المصريين، ولوحدة القرار العربي.
وفي هذه الذكرى العطرة نتوجه بتحية خالصة إلى روح القائد العظيم الرئيس الراحل “محمد أنور السادات”، بطل الحرب والسلام صاحب القرار الجريء، والرؤية الثاقبة الذي قاد الأمة بحكمة وشجاعة، نحو النصر والسلام.
ونحيي قادة القوات المسلحة وكل ضابط وجندي وكل شهيد ارتقى إلى السماء وكل جريح نزف من أجل الوطن وكل من لبى نداء مصر، في تلك اللحظة الفارقة من تاريخها لتظل راية مصر خفاقة شامخة.
وإننا إذ نستحضر هذه الذكرى العظيمة فإننا لا نحييها لمجرد الاحتفال بل لنستلهم منها الدروس والعبر.
لقد علمتنا ملحمة أكتوبر أن النصر لا يمنح، بل ينتزع وأن التخطيط المحكم، والعمل المخلص الدؤوب، والتنسيق بين مؤسسات الدولة، وتماسك الجبهة الداخلية، واليقين بنصر الله هي مفاتيح النصر والمجد، قال تعالى ﴿إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾، وبهذا اليقين، انتصرت مصر وبهذا اليقين، ستظل منتصرة بإذن الله، إلى يوم الدين.
ومن روح أكتوبر نستمد عزيمتنا اليوم في بناء مصر الجديدة مصر الحديثة مصر؛ التي تليق بمكانتها وتاريخها وتستحق أن تكون في مصاف الدول الكبرى.
إننا نعمل بكل جد وإخلاص على بناء دولة قوية، عصرية، متقدمة تعبر عن وزن مصر الحقيقي وعن قيمتها الحضارية والإنسانية في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء.
نبني مؤسسات راسخة ونطلق مشروعات تنموية عملاقة، ونعيد رسم ملامح المستقبل لتكون مصر كما يجب أن تكون رائدة، ومتقدمة، ومؤثرة.
وإذا كانت تلك المبادئ؛ قد قادتنا إلى النصر في أكتوبر ١٩٧٣ فإننا اليوم؛ في ظل ما تمر به منطقتنا من أزمات متلاحقة أحوج ما نكون إلى استدعائها واسترجاعها وتطبيقها كنهج راسخ في حياتنا السياسية والاجتماعية.
فالأوضاع الإقليمية، لم تعد تحتمل التراخي والظروف التي نعيشها، تتطلب منا أن نكون على قدر المسئولية وأن نستلهم من روح أكتوبر ما يعيننا على تجاوز التحديات بل والتقدم إلى الأمام.
لقد خاضت مصر وإسرائيل حروبًا ونزاعات عسكرية ضارية، دفع فيها الطرفان أثمانًا فادحة من الدم والدمار، وكان للعداء أن يستمر ويتجذر لولا بصيرة الرئيس السادات، وحكمة القيادات الإسرائيلية آنذاك، والوساطة الأمريكية، التي مهدت الطريق نحو سلام عادل وشجاع، أنهى دوامة الانتقام وكسر جدار العداء، وفتح صفحة جديدة من التاريخ.
وإن السلام؛ كي يكتب له البقاء لابد وأن يشيد على دعائم العدالة والإنصاف لا أن يفرض فرضًا، أو يملى إملاءً.
فالتجربة المصرية في السلام مع إسرائيل لم تكن مجرد اتفاق، بل كانت تأسيسًا لسلام عادل رسخ الاستقرار وأثبت أن الإنصاف، هو السبيل الوحيد للسلام الدائم، إنها نموذج تاريخي يحتذى به في صناعة السلام الحقيقي.
ومن هذا المنطلق؛ نؤمن إيمانًا راسخًا بأن السلام الحقيقي في الشرق الأوسط، لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقًا لمرجعيات الشرعية الدولية وبما يعيد الحقوق إلى أصحابها.
إن السلام الذي يفرض بالقوة، لا يولد إلا احتقانًا، أما السلام الذي يبنى على العدل، فهو الذي يثمر تطبيعًا حقيقيًا، وتعايشًا مستدامًا بين الشعوب.
وفي هذا السياق؛ لا يسعني إلا أن أوجه التحية والتقدير للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” على مبادرته، التي تسعى لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد عامين من الحرب والإبادة، والقتل والدمار.
وإن وقف إطلاق النار، وعودة الأسرى والمحتجزين، وإعادة إعمار غزة وبدء مسار سلمي سياسي، يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، تعني أننا نسير في الطريق الصحيح نحو السلام الدائم والاستقرار الراسخ، وهو ما نصبو إليه جميعًا.
فالمصالحة؛ لا المواجهة هي السبيل الوحيد لبناء مستقبل آمن لأبنائنا.
وأشدد هنا؛ على أهمية الحفاظ على منظومة السلام التي أرستها الولايات المتحدة، منذ سبعينيات القرن الماضي والتي شكلت إطارًا استراتيجيًا، للاستقرار الإقليمي.
وإن توسيع نطاق هذه المنظومة لن يكون إلا بتعزيز ركائزها على أساس من العدل، وضمان حق شعوب المنطقة في الحياة والتعاون، بما ينهي الصراعات ويطلق طاقات التكامل والرخاء والازدهار، في ربوع المنطقة.
شعب مصر العظيم
وفي ختام كلمتي، أطمئنكم أن جيش مصر قائم على رسالته، في حماية بلده والحفاظ على حدودها ولا يهاب التحديات جيش وطني؛ من صلب هذا الشعب العظيم وأبناؤه؛ يحملون أرواحهم على أكفهم ويقفون كالسد المنيع، أمام كل الصعاب والتهديدات.
أجدد التحية لقواتنا المسلحة الباسلة ولشهدائنا الأبرار الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة، ولجنودنا الأبطال الذين يسهرون كي تنام مصر آمنة مطمئنة.
وكل عام وأنتم بخير.
ودائمًا وأبدًا، تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.