كن حسن النية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ”، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يحاسبنا على ما فى قلوبنا لا على ما تنطقه ألسنتنا، أى أن الله سبحانه يعطينا ما ننتويه ويجازينا على ما ننويه، لذا ترونى دوما أدعو ربنا أن “يرزق كل واحد على قدر نيته”، وهو ونيته يا خير يا شر، و لا يجب أن نتدخل أبدا فى النيات، لا يجب أن نخمن ونحاسب الآخرين على ما فى أدمغتنا نحن، بتصوراتنا نحن، بقناعاتنا نحن، وبأفكارنا نحن، ونقرر نحن نياتهم هم، وهذا خطا كبير لأننا بهذا نحكم عليهم بنيتنا نحن، مع أننا لا يجب أن نحكم أولا، ولا يجب أن تكون نيتنا سيئة ثانيا. الشخص سيئ النية مهما تعاملت معه بحسن نية فإنه سيجد دوما أسبابا سيئة لأى عمل حسن تقوم به، لذلك فإن الطبيب النفسى الشهير سيجموند فرويد أعطى روشتة مختصرة للتعامل مع الأشخاص سيئى النية عندماقال: “لا تبرر كلماتك فى كل مرة يساء فهمك فيها، فالعقول السيئة لن تستوعب النية الحسنة”، وهذه حقيقة، فرغم أن القاعدة الأساسية تقول إننا يجب أن نفترض حسن النية إلا أن معظم الناس أصبحت تعانى من أزمة ثقة فى تعاملاتها حتى مع اقرب الأصدقاء فتغيرت القاعدة وأصبحت “افترض سوء النية إلى أن يثبت العكس”، ولكن الحقيقة أن سوء النية يجعلنا نعيش فى تخوف مستمر وشك بأن أمرا سيئا على وشك الحدوث.والنتيجة أن قلوبنا تمتلئ بشكوك تتعبنا قبل أن تتعب غيرنا، ونعيش متعبين غير قادرين على الثقة فى أى شخص.الحل إذن فى حسن النوايا مع الاعتماد على البصيرة، ونترك نوايا الآخرين لله سبحانه تعالى، ولو علم كل واحد فينا أننا يجب أن نحسن نياتنا نحن مع أعمالنا وأنفسنا نحن لحسنت حياتنا كلها، فالله كما قال رسولنا الكريم عليهوعلى آله أفضل الصلاة والسلام يحاسبنا على نياتنا.ختاما، قال الرافعى: “الله لا يُعامل إلا بالنية ولا يُكتب فى سجل الحسنات إلا الأرقام القلبية”، فاكثروا من أرقامكم وزودوا من حساب آخرتكم.هذا عن التعامل بحسن نية فماذا عن النية كقوة حقيقية؟الأمر يحتاج لمقال آخر بإذن الله.