لنا الظاهر والله يتولى السرائر” عامل الناس بما يحب أن يظهروه لك
أحيانًا يعاملك الناس بشكل جيد، فتتصور أنهم ينافقونك، وتشغل وقتك وراحتك في التفكير حول هذه الأمور.
إذا مررت بهذه التجربة، ما عليك سوى أن تتصرف بنصيحة الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، حين قال: «عاملوا الناس بما يظهرونه لكم والله يتولى ما في صدورهم».
فالله عز وجل لم ينزع من صدور العباد الغل والحقد والحسد سوى في الجنة، وإنما الدنيا هي دار مثل هذه الموبقات.
لذا قال سبحانه وتعالى في أهل الجنة: « وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ » (الحجر: 47).
والإسلام لم يطلب أبدًا من الناس أن يتغلغلوا في نفوس بعضهم البعض، لكنه يطلب من الناس وفق الظاهر، على أن يترجم ما في داخلهم في الواقع.
في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا تباغض بينهم ولا تحاسد، لكل امرئ زوجتان من الحور العين، يرى مخ سوقهن من وراء العظم واللحم».
فلسنا أنبياء أفرغ الله قلوبنا من الغل والحقد، ولكننا بشر عاديون نصيب ونخطئ، فمن قدر أن ينزع من قلبه أي غضب أو حقد فليسأل الناس ذلك، فأصحاب القلوب السليمة هم الأنبياء.
قال الله عز وجل في حقهم، «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم » (الصافات: 83، 84).
وهذا نبينا الأكرم عليه الصلاة والسلام، فقد من الله عليه بانشراح الصدر، وسلامة القلب، وطهارة النفس، فقال سبحانه: « أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ » (الشرح: 1 – 4].
والقرآن الكريم ضرب لنا أمثلة في سلامة النفس والصدور، وهذا نبي الله يوسف عليه السلام مثلاً فذًا في سلامة الصدر، فبعد أن فعل به إخوانه ما فعلوا، وبعد أن صار في منزلة يقدر فيها على الانتقام أبى أن يثأر لنفسه ووفى لإخوته الكيل ثم قال لهم: « قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ » (يوسف: 92).
لا نقول لك كن كيوسف أو إبراهيم وهما نبيان ، ولكن ليس مطلوبًا منك أبدًا تتبع آثام الناس وصدورهم.