مواجهة الواقع بدلًا من الشماعات
نردد دائما أن الرياضة عموما فائز ومهزوم، وأننا يجب أن نتحلى جميعا بالروح الرياضية، وأن يهنئ المهزوم الفائز، لكى نرسخ هذه الروح الطيبة بين الجماهير المختلفة…
فهل نحن نفعل ذلك، وهل نقر فى مرات كثيرة أننا لم نكن نستحق الفوز؟درس مباراة مصر والسنغال قبل أسبوعين فى داكار والتى فازت فيها السنغال بضربات الجزاء لا يزال مهما ليس فقط فى مجال الرياضة، ولكن فى العديد من مجالات الحياة
.مرة أخرى لاعبو منتخبنا أدوا فى حدود إمكانياتهم الفنية والبدنية، لكنهم كانوا أقل بكثير مقارنة بلاعبى السنغال فى المباريات الثلاث التى لعبناها ضد السنغال فى الكاميرون والقاهرة وداكار خلال أقل من 6 أسابيع.
صحيح أن لاعبينا يتميزون بالذكاء الذى عوضهم كثيرا. لكن أى فاهم مبتدئ فى كرة القدم يمكنه أن يلاحظ أن لاعبى السنغال لديهم قوة بدنية فارقة وصارت لديهم مهارات متميزة، ومعظم لاعبيهم محترفون فى الأندية الأوروبية الكبرى ومنتخبهم حاليا هو الأفضل إفريقيا، فى حين أن معظم لاعبينا محليون.فريق السنغال كان الأفضل كرويا، رغم أن جماهير وإدارة فريق السنغال استخدموا أساليب غير شريفة ومضايقات كثيرة فى هذه المباراة الفاصلة خصوصا الليزر، الذى وصفته صحف غربية كثيرة بأنه مخجل وعار على الكرة الإفريقية، وكمصرى أتمنى طبعا أن تعاد المباراة لكنه احتمال ضعيف للغاية.نعود إلى مسألة الشماعات، وعدم الاعتراف بالسبب الحقيقى فى الهزيمة، وهو المستوى الضعيف.
هذا المستوى له العديد من الأسباب بعضها كروى وفنى، وبعضها له صلة بالمنظومة الرياضية نفسها، بمعنى عدم وجود قاعدة رياضية واسعة سواء الملاعب فى المدارس أو مراكز الشباب، وبعضها له صلة بالإعداد الفنى للمباراة وتوفيق اللاعبين من عدمه.معظم من يتابع المباريات الثلاث للمنتخب ضد السنغال سوف يكتشف أن معظم لاعبينا لم يكونوا حتى قادرين على تمرير الكرة بالطريقة الصحيحة أو حتى تشتيتها من أمام المرمى، ولذلك كانت السنغال هى الأكثر هجوما طوال الوقت، والأكثر إهدارا للفرص بسبب تألق محمد الشناوى وغالبية المدافعين
.من حق المشجعين والإعلاميين المصريين أن يغضبوا من سلوك المشجعين السنغالبين أو من تحيز حكم المباراة فى بعض اللحظات لكن من الموضوعية أن يلاحظوا أننا لم ننهزم بسبب ذلك، بل بسبب ضعف مستوانا أو فى أفضل الأحوال بسبب عدم التوفيق فى تسديد ضربات الجزاء خصوصا محمد صلاح الذى لم يجد صانع ألعاب يمرر له الكرة طوال المباراة.
نعود للقصة الأصلية وهى أن بعض الجماهير والإعلاميين يتعاملون مع الكثير من قضايانا مثلما تعاملوا مع مباراة السنغال.
هم لا يرون السبب الحقيقى ويبحثون عن الشماعات أو التبريرات، سواء بقصد أو من دون قصد.أهم دليل على ذلك.
أنهم لا يدركون أننا نعانى نقصا خطيرا فى الإنتاج وأننا نستورد أكثر مما ننتج، ونتكلم أكثر مما نعمل ونضخم العديد من الأشياء، ولا ننظر لمستوانا الحقيقى مقارنة بالآخرين سواء كانوا فى المنطقة أو العالم.نعرف أن تعليمنا يعانى مشاكل هيكلية منذ عقود طويلة، ورغم ذلك نستغرب أن يكون مستوى غالبية الخريجين بهذا الضعف، وهو ما ينطبق على الصحة والمرور وغالبية الخدمات والمرافق.نحن أجرينا عملية إصلاح اقتصادى مهمة جدا.
وأنجزنا العديد من النجاحات فى البنية التحتية خصوصا الطرق والكبارى والكهرباء والغاز، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل حتى نصبح من بين الأمم المتقدمة.هذا هو الواقع الذى تعكسه البيانات والأرقام، ويلمسه المواطن العادى خصوصا بعد تداعيات كورونا وأوكرانيا.وبالتالى فإن إلقاء مسئولية الإخفاق أحيانا على المؤامرة الخارجية أو الداخلية، هو هروب من المسئولية ومواجهة الواقع، نعم هناك تآمر فى بعض الأحيان، لكن من واجبنا أن نتصدى له ونكشفه، ولا نكون دائما ضحية له.
هل لو سجلنا هدفا فى السنغال، أو هدفين كما فعلت الكاميرون فى الجزائر، هل كنا سنلجأ لكل هذا التبرير؟!مرة أخرى السبب الحقيقى فى هزيمتنا أمام السنغال هو أن مستوانا ضعيف جدا جدا مقارنة بالمنافس.من حقنا أن نحزن ونغضب ونلوم الحكم والجماهير السنغالية، لكن بشرط أساسى هو أن ندرك أننا لم نكن الأفضل.
إذا فعلنا ذلك وغيرنا طريقة تفكيرنا فإن أحوالنا سوف تنصلح ليس فقط فى الكرة، ولكن فى العديد من المجالات