باب زمانفن

نجاة الصغيرة تتحدى نفسها أمام شادية.. حكاية من الماضي

كتب_زينب غازي

صوت الحب المطربة نجاة الصغيرة كانت تحب أن تسمع الراديو لتطلع على جديد فى عالم الغناء وفجأة سمعت أغنية “مين قالك تسكن في حارتنا تشغلنا وتقل راحتنا” التي تغنت بها شادية.

وأعربت نجاة عن قلقها عند سماع الدلوعة بأغنيتها الجديدة التى تذاع كل خمس دقائق، واتصلت بعدد من أصدقائها لتتأكد ان صاحبة أغنية مين قالك تسكن فى حارتنا شادية بالفعل.

وظلت نجاة تسأل كيف لها أن تغني هذا اللون الشعبي الجديد على الآذان، وأكد لها الجميع أن الأغنية ناجحة جدا و”مكسرة الدنيا” وكانت صدمة كبيرة لنجاة الصغيرة.

وشعرت نجاة بالغيرة الفنية من شادية والنجاح الساحق الذي حققته باللون الشعبي الجديد، حيث أن الأغنية تتناول حدوتة درامية خفيفة ومصورة، والقصة لها بداية ووسط ونهاية، وبحثت عن كاتبها ابلغوها معارفها أنه الشاعر الغنائي حسين السيد.

وسريعا اتصلت نجاة بالشاعر حسين السيد وقالت له: “عايزة حاجة زي غنوة شادية”، فرد حسين ضاحكا: “إيه يا نوجة، بدأنا نغير ولا إيه؟”، فأجابت: “لا والله مش غيرة ولا حاجة، بس عايزه أغيّر في نوعية الأغاني بتاعتي شوية”، ليرد: “بس أنتي ملكيش في الشعبي خالص يا نوجة، صوتك مياخدش للسكة دى”.

وصممت “نجاة” قائلة : “مليش دعوة، اتصرف، عايزه أغنية الناس تشوفها وهى بتسمعها”، وأُعجب الشاعر بالتعبير فقال لها: “خلاص يا نوجة، سيبيني يومين وأشوف ممكن أكتب إيه”،واتصلت نجاة بالشاعر الكبير تسأله : “كتبتها يا جميل؟”، وشعر حسين بالدهشة، وَرَدّ: “يا نوجة بقولك سيبيني يومين، مقصدش 48 ساعة، يومين يعني شوية كده أشوف إيه اللي يليق عليكي”، ومر الوقت بطيئا مملا على نجاة.

وبعد أسبوع فوجئت نجاة باتصال من حسين، وبدأ بسؤال: “إيه حكايتك مع ابن الجيران اللي كان ساكن قصادك؟”، وتعلثمت نجاة، وشعرت بدهشة ممتزجة بخجل: “إيه ده، مين قالك على الحكاية دي؟”، فرد ضاحكا: “أنتي دلوقت، يعني فيه حكاية بقى بجد وأنا معرفش”، لتجيب بحرج: “إيه حكايتك يا حسين، أنت بتَّوِّهني في الكلام عشان مسألكش عملت إيه في الأغنية ؟”، ليرد: “يا عبيطة، ما هي دي الأغنية، ساكن قصادي وبحبه، وأتمنى أقابله.. فكرت أصارحه.. لكن أبدا مقدرشي أقوله أقوله”.

وصرخت نجاة بجنون: “حبيب قلبي مش هينفع أسمعها في التليفون، ساعة وأكون عندك، اعمل حسابى على العشاء”.
وذهبت نجاة للشاعر الكبير وخطفت الورقة من يده، وقرأت: “وفي يوم صحيت على صوت فرح بصيت من الشباك.. زينة وتهاني وناس كتير دايرين هنا وهناك.. شاورولي بإيدهم وقالولي عقبالك”، فنظر حسين لتعبيرات وجه نجاة وعينيها تضحك مع جملة عقبالك، وهي تستكمل: “هلّلت من الفرحة وسألت، قالوا جارك.. حبيبي حبيبي.. اللي ساكن قصادي وبحبه”.

من فرحتها قالت لحسين: هات التليفون، فرد: هاتكلمي مين ؟، نجاة: الاستاذ.. هايتجنن لمّا يسمعها، قال: قصدك عبد الوهاب ؟، فأجابت بلهفة: وهو فيه غيره “يخرج” الأغنية دي، رد بخفة ظل: قصدك يلحن مش “يخرج”، قالت: انت فاهمني وعملت اللي نفسي فيه، دي مش اغنية، دي فيلم، الناس تشوفه وهى بتسمعني، رد عليها: برافو عليكي، بس دي مسؤولية يا نوجة؛ عايزة منك تخليهم يشوفوا بصوتك، اللي مش شايفينه بعنيهم، فأجابت بلهفة: طيب فين التليفون؟.

آبتسم الشاعر فى وجه صوت الحب : مش محتاجة تكلميه، الاغنية عنده وبيلحنها لك، مفاجأة مش كده ؟، لم تتمالك نفسها وقفزت كطفلة: والمصحف بتتكلم جد؟، أجاب مبتسما: والمصحف الشريف بعتها له امبارح وعجبته جدا، ومن غير ما اقوله الاغنية كاتبها لمين قال لي هي دي بتاعة نجاة، مرسومة عليها.

في عام 1963، غنت نجاة الأغنية بحب وإحساس، وحققت الأغنية نجاحا ساحقا فاق كل التوقعات، وكتب عنها النقاد: أغنية نعشقها عشق يفوق الخيال، تكاد تكون الأغنية الوحيدة التي تراها وأنت تسمعها، بداية مبهجة ونهاية موجعة وفي الوسط دموع وآلام.. والختام ساكن في قلبي وساكن قصادي وبحبه.

وتقول الكلمات:
ساكن قصادي وبحبه وأتمنى اقابله
فكرت أصارحه لكن أبدا مأقدرش أقوله
وفضلت استنى الأيام في معاد مايسهر ومعاد ما يرجع
كل خطوة أرسم احلام تكبر ف قلبي والقلب يطمع
وأقول مسيره ح يحس بيا لو يوم صادفني وسلم علي
حيلاقي صورته ساكنه بعيني ويحس بيها برعشة ايدي
كنت حاسه أن حـبـه كل ماده كان بيكـبــر
أبقى عايزه لو يكون لي قلب غير قلبي الصغيـر
فضلت أمالي مع الليالي
تقرب حبيبي اللي ساكن قصادي وبحبه
وفي يوم صحيت على صوت فرح بصيت من الشباك
زينـه وتهـاني وناس كتيـر دايـرين هنـا وهنـاك
شاوروا لي بإيديهم وقالوا لي عـقـبـالك
هللت م الفرحه وسألت
قالوا … جارك
حبيبي حبيبي
اللي ساكن قصادي … وبحبه
رحت الفرح بالليل ورسمت بعيني الفرحـه
ساعة ما كان بيشيل بإيديه وبعيني الطرحه
شربت شرباتهم وانا قاعده بصالهم
لحد ما قاموا ومشيت اوصلـهـم
حتى الأمل ما بقاش من حقي أفكر فـيـه
بعد الليله دي خلاص بقى غيري أولى بيه
وتهـت وسـط الزحـام مـا حـد حاسس بي
عايزه أجري وأرجع أتوه والناس يقولوا حاسبي
ناس في طريق النور ما بين فرح وشموع
وأنا في طريق مهجور ومنـوراه الدموع
ولقيتني فايـتـه من جنب بـابه
لاهو داري بقلبـي ولا باللي نابه
يا ويلي يا ويلي من طـول غيابه
وياويل أيامي من جرح عــذابه
عذاب الجرح اللي فاتوهلي وسابه
ساكن في قلبي وساكن قصادي وبحبه
حبيبي ساكن حبيبي ساكن قصادي وبحبه

زينب غازي

صحفية بجريدة بوابة مصر الإخبارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى