
كتب_زينب غازي
صلاح جاهين شاعر مصري كبير، كلماته تجمع بين البساطة والعمق، أشعار تعبر عن هموم الناس، وتلمس القلب بالفصحى والعامية، تأثيره كان واضحا على الشعر المصري والغناء.
تعد أعماله من أهم التراث الثقافي المصري، ويتضح تأثره بالأحداث المختلفة فى مصر فى أشعاره، وبهذه الكلمات المقتبسة من الأغنية الشعبية “يا وابور يا مولع” المشهورة في كل أنحاء مصر، نسجها جاهين فى اغنية نهاية فيلم “لاوقت للحب” بشكل جديد للتنبيه والحذر.
واستغل المخرج الكبير صلاح أبو سيف كلمات الشاعر صلاح جاهين ببراعة لنهاية تجعل المشاهد يغني مع الأطفال متحمسا و مشجعا و كأن صوته يصل للبطل داخل الفيلم.
وتدور قصة فيلم “لا وقت للحب” مقابلة صدفة بين المناضل المهندس حمزة، وفوزية مدرسة الابتدائي، ونشأ الحب بينهما في ظروف صعبة ، وتتوالى الأحداث، بمطاردة الجنود الإنجليز في منطقة القناة الفدائيين المصريين وبعد غارة عنيفة من غارات الفدائيين خرج الجنود الإنجليز للانتقام، قتلوا برصاص مدافعهم الرشاشة كل عدد من الفدائيين وظل حمزة “رشدي أباظة” مطارد الذي من المفترض أن يعود إلى الحي الذي انطلق منه الفدائيون، ويعيش الحي كله لحظات رهيبة، فقد اختبأ الجنود الإنجليز في كل مكان، في انتظار وصوله ، ومضت الدقائق و الجنود متربصون لحمزة، مدافعهم الرشاشة في أيديهم وحمزة في طريقه إليهم وهو لا يدري أنهم في انتظاره، وفكر الاطفال مع الحبيبة في طريقة لتحذيره من الخطر، ولكن الطريق مسدود والجنود لا يسمحون لأحدا يخرج من الحي.
وبدأ الأطفال الصغار يلعبون، يغنون ويصفقون، أغنية يا وابور يا مولع لتنبيه حمزة بشكل غير مباشر، فى حالة من التشويق، وكلما اقترب حمزة من الحي، زاد القلق والاضطراب، ويغنى الجميع لتشجيع الأطفال على الغناء وارتفاع صوت الحي كله من أجل إنقاذ حمزة، والكل يغنون الأطفال والنساء والرجال، كل الحي اشترك في هذا التحذير.
وعاد حمزة وكاد يقع في الفخ، لولا أن كلمات الأغنية بالإضافة للعب الأطفال وصلت إلى أذنيه في الوقت المناسب وتنبه وفهم الموقف بسرعة ففر ونجحت الحيلة لينهي هذا الموقف الفيلم وحمزة يجري بعيدا، والحي كله يرتفع صوته مرددا: طلع نار.. طلع نار.. بينا وبينهم حرب وتار.
.ولم تكن النهاية وحدها هي الشيء الجيد في هذا الفيلم، بل قصته نفسها متميزة، وهي أول قصة ليوسف إدريس تتحول إلى فيلم، خلت أيضا من المواقف المألوفة، شخصياتها الرئيسية والثانوية كانت جديدة، بل إن أماكن حوادثها كذلك كانت جديدة: مصنع ثلج، معمل طرشي، جبانة، معسكر تدريب الفدائيين.
امتاز الفيلم بالتشويق والحركة والمطاردات، حيث دارت الأحداث في الأشهر الستة التي سبقت يوم 23 يوليو،1952 ومعركة الإسماعيلية في 25 يناير ،1952 التي اشتبك فيها البوليس المصري مع جنود الإنجليز في منطقة القناة، ونجح الفيلم فعلا في أن يقدم هذه الأجواء حتى دون أن نراها على الشاشة.
وأخيرً السينما المصرية اعتادت اقتناص اللحظات التاريخية مهمة وتحوّلها لأعمال فنية مؤثرة، تجمع بين الحقيقة والخيال، إذ تعكس أحداث مهمة في تاريخ مصر، استطاعت توثيق التاريخ بطريقة تجذب الجمهور وجعلهم يعيشوا الأحداث.





