حقوق انسان

وقفة مع أية من كتاب الله تعالى مع الحقوقي أحمد سالم {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور: 24، 25]،}

حظر الله تعالي عباده من اللهث خلف إرضاء اعدائهم الحقيقيين وهي النفس والشيطان والدنيا والهوي بأن من نفعل الذنوب لأجلهم هم أول من يشهدون عليهم يوم القيامة قال تعالى في الآية 24.25 من سورة النور أن جدال المجرمين لا يدوم، بل يختم على أفواههم، وينتهي جدالهم، وتشهد عليهم أنفسهم: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور: 24، 25]، وكما قال -تبارك وتعالى- في سورة يس: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس:65].
قال بعض السلف: إن العبد بعد جداله وجحوده يربو لسانه في فمه، أي يزداد حجمه ويتضخم حتى يملأ فمه، فلا يستطيع أن ينطق بكلمة، ثم يقول الله لأعضائه كلها: تكلمي واشهدي عليه، فيشهد عليه سمعه وبصره وجلده وفرجه ويداه ورجلاه، صنعنا، عملنا، فعلنا.
يا للعار، ويا للخزي، ويا للفضيحة، تلك الأذن تشهد بما استمعت إليه من باطل ومن فحش، ومن لغو ومعازف وغناء، ومن غيبة وتناول للناس والأبرياء بما ليس فيهم، وتلك العين تشهد على صاحبها بكل نظرة محرمة، وتفضح صاحبها بخائنة الأعين التي تخفى على الناس في الدنيا ويزعم صاحبها أنه لا ينظر إلى محرم، ويزعم الآخر أنه لم ينظر لشهوة، ولكن حتى تلك النوايا المستورة ينكشف صاحبها يومئذ، واللسان يشهد بكل كذبة كذبها صاحبه وبكل افتراء واتهام اتهم به بريئًا، وبكل غيبة ونميمة وسب، وبكل تحريش وباطل ولغو، وبكل لقطة محرمة، أو كلمة محرمة من مقدمات الفاحشة، حتى الجلد الذي لا يتحرك يشهد بما ناله من مس محرم، والفرج يشهد بكل عدوان جناه صاحبه، والرجل تشهد بكل خطوة خطتها لشر، وكل محرم تلبست به.
وهذه اليد التي تقوم بالعديد من الأعمال، ولا توجد آلة في العالم تقوم بمختلف الأعمال التي تقوم بها اليد، هذه اليد تشهد على صاحبها بكل أخذ لا يجوز له أخذه، وبكل مس أو إمساك بما لا يجوز له مسه أو الإمساك به، وبكل فتح لا يجوز لها فتحه، وبكل كلام كتبته لا يجوز لها كتابته، وبكل بطش أو ضرب لا يجوز لها فعله، وبكل حمل حملته لا يجوز لها حمله، وبكل إعداد لمنكر لا يجوز لها إعداده… وهكذا، حتى لا يبقى من الإنسان شيء يستره عن نفسه لم يعفُ الله عنه في إلا فضحته أعضاؤه به، ولكن باب التوبة لا يزال مفتوحًا، فالعاقل من بادر إلى التوبة قبل الهوان والافتضاح، وقبل أن يلقي اللوم على أعضائه كأولئك المجرمين، الذين يقولون لجلودهم: لم شهدتم علينا؟! فتجيبهم: (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 21].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى