شكرًا للأشقاء ونحتاج المزيد تأييدا عربيا قويا لمصر والسودان
البيان الصادر عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب ظهر يوم الثلاثاء الماضى بشأن سد النهضة الإثيوبى جيد، لكن السؤال: هل هو كافٍ، ويمكن أن يغير المعادلة الراهنة فى الأزمة؟.الاجتماع انعقد وصدر عنه بيان أبرز ما فيه دعوة مجلس الأمن لعقد اجتماع عاجل بشأن قضية السد، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق عملية تفاوضية فعالة تضمن التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم فى إطار زمنى محدد. ودعا البيان إثيوبيا إلى عدم اتخاذ أى إجراءات أحادية توقع الضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان. وبالطبع حفل البيان بالتضامن المعنوى مع مصر والسودان من قبيل قوله: «أن الأمن المائى لكل من البلدين جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى ككل».خلال الاجتماع قدم وزير خارجيتنا سامح شكرى شرحا كاملا ووافيا للقضية منذ بدايتها، ومن أبرز ما قاله «أن المشكلة تكمن فى أن إثيوبيا تريد فرض رؤيتها قسرا علينا، وهو ما لا يمكن أن نقبله، كما أننا لن نسمح باستمرار المفاوضات إلى ما لا نهاية خصوصا مع إدراكنا لنوايا الطرف الآخر».الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد أبوالغيط قال إن «الاجتماع يمثل، تأييدا عربيا قويا لمصر والسودان».وهنا أكرر السؤال الذى بدأت به: هل ما حدث كافٍ ومؤثر؟!والإجابة من وجهة نظرى أنه موقف جيد، ولا بأس به فى إطار الظروف والأحوال العربية التى ندركها، ومجرد انعقاد اجتماع وزارى طارئ لوزراء الخارجية العرب، هو موقف لا بأس به فى ظل الانقسامات العربية التى نعرفها جميعا.وحينما يكون هذا الاجتماع فى العاصمة القطرية الدوحة، ويأتى عقب اجتماع سامح شكرى مع أمير قطر تميم بن حمد بعد أن اجتمع مع وزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثانى، فهى إشارة مهمة، بعد أن توترت علاقات البلدين لسنوات طويلة بسبب دعم الحكومة القطرية لجماعة الإخوان وهجوم إعلامها المستمر على النظام المصرى.الاجتماع جيد إذا نظرنا إليه من زاوية حشد الدعم الدبلوماسى والسياسى الشامل لمصر والسودان ضد التعنت الإثيوبى، لأنه يظهر أديس أبابا باعتبارها تواجه حشدا دبلوماسيا وسياسيا عربيا شاملا.وحتى تكون الصورة واضحة: هل نحن نحتاج إلى الدعم الدبلوماسى والسياسى فقط من البلدان العربية؟.الوقت لم يعد يسعفنا وفى نفس يوم انعقاد الاجتماع فى الدوحة، كانت إثيوبيا تعلن أن الملء الثانى الانفرادى والأحادى لسد النهضة سيتم فى موعده خلال موسم الفيضان الحالى.وبالتالى، فنحن لا نحتاج إلى بيانات دعم وتأييد فقط، بل نحتاج إلى ما هو أكثر منها.كتبت فى هذا المكان قبل يومين تحت عنوان «المتوقع وغير المتوقع عربيا فى قضية السد الإثيوبى»، وقلت إن الدعم المعنوى والدبلوماسى مهم، لكن نحن نحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك. نحتاج إلى رسالة واضحة من الدول العربية القوية والمؤثرة، خصوصا فى الخليج العربى إلى إثيوبيا تقول إن «علاقتنا الاقتصادية والتجارية والسياسية معكم سوف تتأثر كثيرا إذا أصررتم على الإضرار بحقوق مصر والسودان المائية، وأن استثماراتنا وودائعنا المالية فى البنوك الإثيوبية، قد يتم سحبها حال مواصلة تعنتكم ومراوغتكم وإصراركم على عدم التوقيع على اتفاق قانونى وعادل وملزم وفى أقرب وقت ممكن.طبعا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وبعض الدول العربية لا تملك إلا تقديم الدعم المعنوى وبيانات التضامن، لكن هناك غيرهم من يملك التأثير ليقدم ما هو أكثر نفعا لمصر وللأمن القومى العربى بمعناه الشامل.مرة أخرى مياه النيل قضية وجودية لمصر والسودان، وتتعلق بالحياة نفسها، وبالتالى على الأشقاء أن يتذكروا ذلك جيدا، ويفرقون بين التضامن اللفظى والتضامن العملى.