هل أدرك كل المعارضين خصوصا فى الخارج الذين باعوا أنفسهم للشيطان
هل أدرك كل المعارضين خصوصا فى الخارج خطأ وخطيئة الرهان على القوى والدول وأجهزة المخابرات الأجنبية؟أظن أن الإجابة يفترض أن تكون نعم، بالنظر إلى التطورات المتسارعة على مستوى المنطقة العربية فى الشهور الأخيرة.منذ عرف العالم السياسة بمعناها الحديث، وغالبية الحوادث والأحداث، تؤكد على أن الرهان على حكومات خارجية، ينتهى بأن هذه الحكومات تبيع هؤلاء المعارضين فى أول صفقة، أو حينما تكتشف أنها ستخسر حال استمرارها فى الاعتماد عليهم.فى الأيام والأسابيع الأخيرة اكتشف بعض ممن يقولون عن أنفسهم إنهم معارضون سياسيون عرب، أن هذا «الخارج» بدأ يتخلى عنهم، وتركهم يواجهون مصيرا مجهولا بعد أن ظنوا أن العلاقة لا يمكن أن تصل إلى مستوى الاستغناء عنهم أبدا!!بعض هؤلاء المعارضين تركوا وطنهم، وارتضوا أن يضعوا أنفسهم فى خدمة حكومات وأجهزة مخابرات إقليمية ودولية، ظنا أن ذلك سوف يجعلهم يحققون حلمهم فى الحكم أو التغيير، ولذلك رهنوا أنفسهم لخدمة هذا الحاكم أو ذاك الأمير، أو صاحبة الجلالة!!صحيح أن هؤلاء الحكام وفروا للمعارضين المأوى والملجأ والدعم والتمويل الضخم جدا، والأهم المنصات الإعلامية بمهاجمة بلدهم. لكن كيف كانت النتيجة فى النهاية؟!!استيقظ هؤلاء المعارضون على تعليمات عاجلة من السلطات التى تأويهم تقول لهم: «توقفوا لقد تغير المخطط، نحن سنتصالح مع الدول التى كنا نختلف معها ومع حكومتها وقادتها، وعليكم أن تغيروا نشاطكم من المعارضة السياسية إلى برامج المنوعات، ثم فى وقت لاحق كانت التعليمات هى ضرورة التوقف الكامل أو الطرد.ورأينا مفاوضات ومحادثات بين هذه الأنظمة والأجهزة التى تشغل هؤلاء المعارضين مع حكومات بلدانهم العربية. وهى محادثات تشمل بطبيعة الحال وقف نشاط هؤلاء المعارضين فى الخارج، وربما تسليم بعضهم.الخطأ الذى وقع فيه كل معارض من هذا النوع، هو اعتقاده أن الحكومات الأجنبية تتبنى قضيته وتؤمن بها، وينسى دائما أنه كشخص أو تنظيم أو حزب مجرد ورقة تستخدمها هذه الحكومة، أو ذاك الجهاز لمساومة دولته من أجل مصلحة هنا أو صفقة هناك.سيسأل سائل ويقول، ولكن ما هو البديل الذى يملكه هذا المعارض، وهل وجد فى وطنه الأصلى مساحة من الحرية كى يعارض من خلالها، أم أن كل الأبواب قد سدت فى وجهة، وبالتالى لم يكن لديه سوى الخروج من مصر، واستغلال أى مساحة للمعارضة من الخارج؟!هذا التبرير يبدو منطقيا للوهلة الأولى، لكنه يصطدم بمجموعة من البديهيات أيضا، وهى أن بعض المعارضين لم يكونوا معارضين سياسيين، بل أيدوا ودعموا وساندوا وأحيانا شاركوا فى عمليات عنف وإرهاب، والأهم من ذلك أنهم نسوا وتناسوا أنهم مجرد ورقة فى يد الحكومات والأجهزة التى تشغلهم.تقديرى أن أى معارض من الداخل، حتى ولو عارض بنسبة ١٪ فقط، فإن ذلك أفضل له ولقضيته مليار مرة، من أولئك الذين ملأوا الدنيا صراخا فى الخارج، ثم اكتشفوا متأخرين أنهم مجرد أدوات فى يد أجهزة خارجية.لدينا فى المنطقة العربيك العديد من المعارضين، الذين يختلفون مع سياسات حكوماتهم، بقدر المستطاع حتى ولو بكتابة البوستات على وسائل التواصل الاجتماعى. وبعضهم يجاهر بالمعارضة، ويتحمل تبعاتها ونتائجها وعواقبها الكثيرة، بل ولدينا معارضون آخرون عارضوا وتحركوا، وتم القبض عليهم، ودخلوا السجون، وكسبوا احترام الكثيرين لأنهم لم يبيعوا أنفسهم للخارج، رغم أنهم دفعوا ثمنا غاليا من حريتهم.فى هذه السطور أقصر حديثى على خطورة عدم التعلم من دروس التاريخ الممتدة، والتى تقول إن الاعتماد على أجهزة المخابرات الأجنبية للوصول إلى السلطة، غالبا ما ينتهى بكابوس مزعج، وهى أن هذه الأجهزة تبيعهم عند أول بادرة صلح مع الدولة الأم.كلامى بطبيعة الحال لن يعجب أولئك الذين ظنوا أنهم يحسنون صنعا بالتعاون مع دول وأجهزة خارجية، لكنى أقصد به الشباب صغير السن أو كل من يفكر فى تكرار نفس التجربة، ولا يريد أن يتعلم من درس التاريخ المتكرر، هذا الدرس يقول: «أن تعارض من داخل بلدك وتتحمل كل المصاعب والمشاكل أفضل وأشرف وآمن تريليون مرة، من أن تجد نفسك ورقة فى يد هذه الدولة أو ذاك الجهاز والتنظيم».