عشان حاجة تحصل لمصر، يبقى أنا والجيش نروح الأول فداء لمصر هذه واحدة من العبارات المهمة جدا التى قالها الرئيس عبدالفتاح
«عشان حاجة تحصل لمصر، يبقى أنا والجيش نروح الأول فداء لمصر»، هذه واحدة من العبارات المهمة جدا التى قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء الخميس الماضى، حينما كان يحاول تهدئة قلق المصريين بشأن مخاوفهم من التعنت الإثيوبى فى قضية سد النهضة.معنى قريب من هذا قاله الرئيس السيسى قبل أسابيع.كثيرون كانوا وما يزالون يسألون عن الضمانة التى تجعلهم يطمئنون بشأن الحفاظ على حقوق مصر فى مياه النيل، خصوصا فى ظل التعنت الإثيوبى المستمر، والذى تحول مؤخرا إلى تحدٍ سافر.قضية سد النهضة كانت حديث غالبية المصريين تقريبا، وصارت قضية ضاغطة على أعصاب الجميع، لأنها تتعلق بحياتهم وبالتالى زاد منسوب القلق بشكل واضح فى الشهور الأخيرة، خصوصا بعد إعلان إثيوبيا بدء تنفيذ الملء الثانى لسد النهضة بصورة أحادية، ورفضها التوقيع على أى اتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، خصوصا فى فترات الجفاف، والجفاف الممتد.بعض المراقبين للملف يقولون إن ما قاله الرئيس السيسى بأنه يتحمل هو والجيش المسئولية الكاملة عن هذه القضية، هو أكبر ضمانة يمكن أن يقدمها للمصريين.أحد المراقبين المهمين قابلته فى استاد القاهرة، عقب انتهاء خطاب الرئيس السيسى بمناسبة الاحتفال بانطلاق مبادرة «حياة كريمة»، قال لى هذه أهم ضمانة، رئيس الجمهورية شخصيا يرهن وجوده وشرعيته بالحفاظ على الحقوق المائية لمصر.يضيف المراقب المطلع بدقة على هذا الملف: «هل هناك أكثر من أن يتعهد رئيس الجمهورية، بأن بقاءه هو والقوات المسلحة رهن بحل هذه القضية وتأمين حقوق مصر فى مياه النيل». يستمر المراقب فى القول: «كان بإمكان الرئيس أن يستخدم عبارات عامة ومطاطة، لكنه أخذ عهدا على نفسه ورهن استمراره فى منصبه بالقدرة على حل المشكلة، والأكثر من ذلك أنه جعل القوات المسلحة بأكملها شريكة فى هذه المهمة. وبالتالى وضع قيدا كبيرا على نفسه وعلى القوات المسلحة بحل هذه القضية بصورة تحفظ حقوق مصر بصورة لا لبس فيها.يدرك الرئيس السيسى أن هذه القضية هى الأخطر التى تواجهه منذ توليه مهام منصبه، قبل حوالى سبع سنوات، بل يدرك أنها القضية الأخطر التى تواجه مصر بأكملها منذ هزيمة يونية ١٩٦٧، والتى لم ينسها المصريون إلا بعد انتصار ٦ أكتوبر ١٩٧٣، وإن كانوا ما يزالون يعانون من بعض آثارها حتى الآن، وبهذا المنطلق فهى قد تكون القضية الأخطر فى تاريخ مصر الحديث.يقول بعض الخبراء والمحللين إن قضية سد النهضة أخطر بكثير من حرب أكتوبر، لأن الاحتلال الإسرائيلى لشبه جزيرة سيناء، ورغم خطورته وفداحته وجرحه للكرامة الوطنية، إلا أن إسرائيل لم يكن بإمكانها أن تأخذ أرض سيناء، وتنقلها خارج مصر، فى حين أن تهديد حصة وحقوق مصر المائية هو تهديد وجودى حقيقى يؤثر على الحاضر والمستقبل، والأخطر أنه يجعل مصر رهينة لدى إثيوبيا، ومن يدعمها أو يرعاها سرا أو علنا.يدرك الرئيس السيسى أيضا أن مشروعه الشامل للتنمية يتوقف فى جزء كبير منه على حل عادل ومنصف لقضية سد النهضة. صحيح أن السنوات السبع الماضية شهدت إنجازات متتالية فى العديد من المجالات خصوصا البنية التحتية، وتعزيز قدرات مصر العسكرية، وتوجيه ضربة قاصمة للإرهاب والتطرف، إلا أن كل ذلك لن يكتمل ولن يشعر به المواطن إذا تهددت حقوق مصر المائية بصورة واضحة.ثم إنه لا يمكن الرهان على نهضة زراعية وصناعية يفترض أن تشكل جوهر التنمية المصرية، من دون ضمان استمرار تدفق مياه النيل.المؤكد أنه حينما تحدث الرئيس السيسى ليلة الخميس الماضى، وطلب من المصريين ألا يقلقوا، وأنه لا تفريط فى حقوق مصر المائية، فإنه كان يتحدث بناء على تقديرات ملموسة لديه معززة بمعلومات، وبالتالى تحدث بكل ثقة للمصريين قائلا لهم: «لا يليق بدولة كبرى مثل مصر أن تقلق بهذه الصورة».