كتب – زينب غازي
أقلعت طائرة الركاب التابعة للخطوط العربية الليبية في رحلتها رقم 114 في طريقها من مطار طرابلس الدولي إلى مطار القاهرة الدولي في، 21 من فبراير،1973، لكنها لم تصل إلى وجهتها، وكان على متنها المذيعة المصرية سلوى حجازي.
وتعرضت الطائرة لعاصفة رملية أجبرت طاقمها على الاعتماد على الطيار الآلي في الأجواء المصرية، لتدخل المجال الجوي لشبه جزيرة سيناء، التي كانت تحتلها إسرائيل، فانطلقت طائرتان من طراز “إف-4 فانتوم” ملاحقتها، وعدل الطيار مساره لدخول المجال الجوي المصري، لكن الصواريخ الإسرائيلية أسقطت الطائرة، ليسقط أغلب ركاب الطائرة قتلى، ونجا 5 أشخاص فقط بينهم مساعد الطيار.
وبلغ عدد الضحايا نحو 108 أشخاص، بينهم وزير خارجية ليبيا صالح بويصير والمخرج التلفزيوني عواض مصطفى، ومذيعة التلفزيون الشهيرة سلوى حجازي.
ولدت سلوى حجازي في الأول من يناير 1933 في القاهرة، ودرست في مدرسة “الليسيه فرانسيه” الفرنسية، وكانت من أوائل خريجي المعهد العالي للنقد الفني، وكتبت ديوان شعر باللغة الفرنسية ترجم إلى العربية بعنوان “ضوء وظلال”، وحصلت على الميدالية الذهبية في مسابقة الشعر الفرنسي في منتصف الستينيات.
وبدأت مسيرتها مذيعة تتحدث اللغة الفرنسية مع انطلاق بث التلفزيون المصري في بداية الستينيات، وكانت من المذيعات و المذيعين ممن أسهموا في تأسيس التلفزيون العربي، واشتهرت حجازي بمجموعة من أهم البرامج التلفزيونية، منها: شريط تسجيل، ريبورتاج، الفن والحياة، سهرة الأصدقاء، العالم يغني، المجلة الفنية، وكان أشهرها برنامج الأطفال “عصافير الجنة” الذي جعل لها شعبية كبيرة بين جمهور الأطفال، وعرفت باسم “ماما سلوى”.
وأجرت سلوى حجازى العديد من اللقاءات التلفزيونية مع كبار المشاهير مثل نزار قباني وفيروز وغيرهما، كما رافقت سيدة الغناء العربي أم كلثوم في حفلها الشهير في باريس للغناء على مسرح “الأولمبيا” لجمع التبرعات للمجهود الحربي عقب نكسة يونيو 1967.
ولقت المذيعة الرقيقة مصرعها في شهر فبراير 1973، أثناء عودتها إلى القاهرة بصحبة بعثة التليفزيون المصري وقع حادث الطائرة الليبية التي تقلها، لتلقى مصرعها وتودع جمهورها عن 40 عاما بعد مسيرة حافلة في التلفزيون.
وأحدثت وفاة “ماما سلوى” صدمة لجمهورها العريض، وشُيّعت جنازتها بحضور محبّيها وجمهورها الكبير في جنازة شعبية، ومنحها الرئيس أنور السادات وسام العمل من الدرجة الثانية عام 1973 تكريما لها وعدّها من شهداء الوطن.
ويحكي الإعلامي مفيد فوزي أن حجازي زاملته في العمل مدة عام، وكانت واسعة الاطلاع في كل الموضوعات، لا تعتمد فقط على ورق الإعداد، وكانت إعلامية من طراز نادر، “تبكي لأي ضرر يلحق بأي طفل أو عجوز”
واستعرض برنامج “اختراق” على التلفزيون المصري حادث الطائرة، وقال المؤرخ والكاتب جمال بدوي إن المراجع الإسرائيلية اعترفت أن ضرب الطائرة كان بأمر من موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي شخصيا، وإنه لم تأخذه رحمة ولا شفقة بطائرة يعرف يقينا أنها مدنية، لكنه أراد أن يجعل منها درسا للمصريين.
وتنفي أسرتها ما تردد من أن سلوى حجازي كانت تعمل مع أحد الأجهزة الأمنية المصرية، وأنها كانت تحمل مستندات مهمة في الطائرة وتسليمها للسلطات المصرية، وكان ذلك سبب استهداف إسرائيل للطائرة.
وتقول ابنتها رضوى في تصريحات صحفية إنها لا تعرف مبعث هذا الكلام خصوصا أنه لا يتفق بتاتا مع شخصية سلوى حجازي.
وترددت أقاويل أخرى أن الطائرة كانت تحمل الجاسوسة المصرية هبة سليم، وأن الموساد الإسرائيلي حاصر الطائرة في الجو لأنه لا يريد وصول الجاسوسة المصرية إلى أرض مصر فضرب الطائرة، وهو ما لا تعرف أسرة حجازي عنه شيئا.