عن متلازمة الغطرسة والكبرياء
يُعرّف العلماء الكِبر بأنه إرادة العلو في الأرض وهو أمر منكر ومرفوض وعلاجه أن يعرف المبتلى به موقعه الصحيح في الأرض وقبل هذا عليه أن يستوعب العلاقة التي بينه وبين ربه عزّ وجلّ
والتي تتجلى في صور متعددة من أهمها كلمة الله أكبر التي تمر عليه وهو يقوم بأداء فرائضه اليومية وقبلها هو ويستمع للآذان الخمسة المتعلقة بها وأن الإنسان الذي كرمه الله عزّ وجلّ عليه عدم مشاركة الله في كبريائه وعظمته سبحانه وتعالى وبهذا سيتمكن من الفهم الحقيقي لنفسه وسيصحح فهمه للآخرين
لو كل واحد منا نظر لنفسه نظرة نقدية جدية سيجد أنه غير بريء من بعض الآفات الخُلُقية وعلى رأسها آفة الكِبْر والتعالي على غيره وهو ما حذرت منه النصوص المقدسة في القرآن الكريم قال الحق سبحانه وتعالى في سورة النحل لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ
وفي السنة المطهرة عن سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْر رواه الإمام مسلم وهو ما فهمه العلماء الصادقون ومنهم على سبيل المثال الإمام أبوحامد الغزالي الذي قال في كتابه الشهير إحياءُ علومِ الدين فأما العبد المملوك العاجز الذي لا يقدر على شيء فمن أين يليق بحاله الكبر فمهما تكبر العبد فقد نازع اللّه تعالى في صفة لا تليق إلا بجلاله
ومن تكبر على عبد من عباد اللّه فقد نازع اللّه في حقه وذكر هناك أنه لا يتكبر إلا من استعظم نفسه ولا يستعظمها إلا من يعتقد لها صفة من صفات الكمال وعدد أسباباً سبعة لذلك وهي التفاخر بالعلم و التفاخر بالعمل والعبادة و التفاخر بالحسب والنسب و التفاخر بالجمال و التفاخر بالمال و التفاخر بالقوة والبطش و التفاخر بالأتباع والأنصار والتلامذة والغلمان وبالعشيرة والأقارب والبنين
من هنا وجب على الواحد منا المبادرةُ الجديةُ بإصلاح نفسه وإعادة أمور حياته إلى نصابِها، ورد ميزانها إلى عدلهِ، والبعد تماماً عن التعالي والعجرفة وهي التي يسميها علماء اليوم متلازمة الغطرسة The Hubris syndrome التي يعتقد المصاب بها بأنّه كُفُؤ وقادر أكثر من سائر البشر وأنه يتمتع بمهارات خارقة ليست متوفرة عند غيره ما سيقوده فيما بعد إلى الاستبداد والديكتاتورية