“بس” إله الضحك والمرح عند المصريين القدماء
كتب_ زينب غازي
الشعب المصرى له شهرة عالمية، بحب الهزل والفكاهة والسخرية، حتى فى الأوقات السيئة، وهذه السمة متأصلة منذ قديم الأزل.
الحضارة المصرية واحدة من أغنى الحضارات وأكثرها تطورا فى مجال الفكاهة والسخرية، حيث يظهر فيها الهزل فى كثير من الموضوعات سواء في الحياة اليومية، أو الأساطير.
وسنعرض بعض المواقف الفكاهية الساخرة تؤكد أن قدماء المصريين كانوا شعبا خفيف الظل، ومسليا لأقصى درجة، وأنهم أول من استخدموا روح الدعابة والسخرية للتعبير عن حياتهم.
و كانت النكتة المكتوبة غير موجودة في زمن الفراعنة ولكن النكتة المصورة هى المنتشرو وأكثر وأقوى تعبيرا فى مجتمع معظمه لم يكن يكتب أو يقرأ.
ومن أبرز الشواهد التى تدل على الحس الفكاهى لدى المصريين، وجود مناظر على جدران المعابد والمقابر تحتوى فى مضمونها على مواقف مليئة بالدعابة والسخرية، حيث امتلأت المقابر بالصور التى تعبر عن روح الدعابة، والفكاهة، فكانوا يكتبون عليها النكات، ويرسمون صورا مبهجة ومرحة، وهو ما يظهر أنهم سمحوا بوجود الابتسامة حتى فى أماكن دفنهم.
ونظرا لخفة دم المصرى، خصصوا القدماء، إلها للضحك والمرح وهو الإله “بس”، والذى كان يصور على هيئة قزم منتفخ الوجنتين، وله ذقن تشبه المروحة، وترتسم على وجهه علامات الوجوم لتثير الرعب فى نفوس الأشرار، وكان يحظى بشعبية كبيرة من خلال الدولة الحديثة.
وظهرت الرسوم الكاريكاتورية التى تسخر من الحياة الاجتماعية آنذاك سواء المناظر الخاصة بالزراعة، أو عند الإفراط فى الشراب، أو بسبب كسل الحراس، أو أثناء العمل بين عمال البناء، وكذلك فى المشاهد الخاصة بالحلاقة، وقد وصلت الفكاهة إلى قمتها فى عصر الملك إخناتون.
ويوجد ما يعبر عن الحس الفكاهى لدى المصرى القديم برسمه على جدران المعابد ، نجد في الرسومات، حوار متبادل بين اثنين من النحاتين، وهما يقومان بنحت تمثالين، أحدهما من الخشب، والآخر من الحجر، وذلك على جدران إحدى مقابر النبلاء بالجيزة التى تعود إلى عصر الأسرة الخامسة، أما النحات الذى ينحت الحجر فيقول: “كلت يدى ومضت أيام طويلة، وأنا أعمل فى هذا التمثال، ويبدو أننى لن أنتهى منه أبدا”، فيجيبه زميله ساخرا – بينما يضع اللمسات النهائية على تمثال من الخشب: “اشتغل اشتغل، ولا تكن غبيا فليس الحجر كالخشب”.
ومن المناظر المثيرة للضحك، تلك التى صورت الحراس، وهم فى قمة الكسل وفى حالة نوم، ومن أشهر المناظر التى تتعلق بالحراس الكسالى، وجدت فى مقبرة “إنتف” فى منطقة دراع أبى النجا فى طيبة، وفيها نجد حارس الباب فى نوم عميق، بينما يطرق زملاؤه عليه الباب حتى يفتح لهم، وكان رده باردا، إذ قال لهم أنه متعب ويريد أن ينام.
