سبيل محمد على باشا تحفه معماريه في القاهرة الفاطمية
كتب_زينب غازي
يقع هذا الأثر في منطقة العقادين بحارة الروم المتفرعة من شارع المعز لدين الله الفاطمي، أسسها محمد علي باشا والذي يعتبر مؤسس دولة مصر الحديثة وكما ذكرت بعض المصادر التاريخية ان هذا السبيل قام محمد علي بانشائه صدقة على روح ابنه طوسون الذي توفي بمرض الطاعون عام 1816م – 1231هـ حيث كان عمره وقتها 22 عاما. ومن المعروف تاريخيا أن الأمير طوسون كان احب أبناء محمد على باشا له.
ويعتبر هذا الأثر قيمة معمارية عظيمة وكانت حديثة على معمار مصر آنذاك حيث تأثر محمد على بطراز العمارة الذي كان سائدا في اسطنبول في ذلك الوقت.
وأنشأه محمد على باشا، سنة ١٢٤٤هجريا، التحفة المعمارية
بنقوش وكتابات جميلة، وواجهته مكونة من أربعة أضلاع يغطى كل منها شباك نحاسي به رسومات بيضاوية وقد كسيت الأضلاع بالرخام من أسفلها إلى أعلاها، وحليت الشبابيك بزخارف مورقة ، يعلو كل شباك لوحة مكتوبة بالتركية، ويغطى الجميع ارفف خشب بزخارف مذهبة، وتتصل به من طرفيه أبنية المدرسة.
بهذا السبيل كسر محمد على باشا التقليد المعماري المملوكي، الذى امتد قرونا، فاختار موقعا بارزا فى المنطقة التجارية النشطة على الشارع الرئيسى فى المدينة”شارع المعز”، واستورد أخشابا ورخاما أبيض من تركيا، واختار أن يشيد مبنى بهذه الضخامة والفخامة ليبرز سلطته السياسية.
ويعتبر المبنى من أضخم وأروع الأسبلة، فحرص محمد على باشا على استخدام أنواع رخام تركية وتصاميم من اسطنبول لتصميم هذا المبنى الجميل.
و يتكون المبنى من حجرة تسبيل ملحق بها كتاب لتعليم أيتام المسلمين وعدد من الحجرات في طابقين، إذ تعلو الصهريج حجرة تسبيل ذات واجهة مقوسة وأربعة شبابيك يعلوها قبة، ويقع الكتاب إلى جانبها وليس فوقها، والزخارف الرخامية والزيتية للسبيل – خاصة بواجهته وقبة حجرة التسبيل – تعكس طراز الباروك والركوكو العثماني، ويظهر لقب “الخديوي” على واجهة السبيل الرخامية كلقب لمحمد علي.
وكان الماء يحفظ فى صهريج ضخم تحت الأرض عمقه تسعة أمتار، ومسقوف بتسع قباب حجرية، وجدرانه مبطنة بمونة غير منفذة للماء، وكانت تغذيه بالماء أنابيب تملؤها منصوبة على الخليج المصرى الذى كان يخترق المدينة وقتها، وتبلغ سعة الصهريج 455 ألف لتر، تكفي لملء مليون ونصف المليون كوب من الماء.
وعادة الناس الذين يشربون من السبيل يتركون عملات رمزية عرفانا للجميل، ووجد منها الكثير خلال الترميم تحت الدرجات وفقا للعرف الشعبى، وكان باستطاعة الذين يرتقون الدرجات من الشارع ليصلوا إلى النوافذ المغطاة بالقضبان ليشربوا، أن يلمحوا باطن القبة المزخرف فوق قاعة السبيل، فتوحى لهم المدينة الخيالية والنقوش النباتية المزهرة المنقوشة عليها بصور الجنة.