اخبار محليةحقوق انسان

أخشى أن تكون جماعة الإخوان هى أكبر الأطراف التى تدرك أهمية وقيمة الحوار الوطنى

أخشى أن تكون جماعة الإخوان هى أكبر الأطراف التى تدرك أهمية وقيمة الحوار الوطنى، وحاولت وتحاول بشتى الطرق المشاركة فيه، ومغازلة الحكومة بطرق مختلفة، حتى تضمن ولو مشاركة شكلية وغير مباشرة

أقول ذلك لأن البعض يتعامل مع الحوار بلا جدية، ويوجه إليه بحسن نية ضربات مختلفة، لا يستفيد منها إلا كل المتربصين بهذا الحوار فى الداخل والخارج متمنين إفشاله بكل الطرق، طالما أنهم غير مشاركين فيه.الآن منصات الإخوان تهاجم الحوار الوطنى بضراوة، بعد أن تأكدوا أن كل محاولاتهم للعودة للمشهد السياسى قد فشلت.لمن نسى نذكره بأن القائم بأعمال مرشد الإخوان فى لندن إبراهيم منير أجرى حوارا مهما فى وكالة رويترز قبل حوالى خمسة أسابيع، قال فيه بوضوح إنهم يريدون أن يشاركوا فى الحوار حتى تضمن الحكومة المصرية نجاحه

منير عرض العديد من الأثمان التى يمكن للجماعة أن تدفعها إذا قبلت الحكومة المصرية أن تعيدها للمشهد، وأهمها أن الجماعة تخلت تماما عن فكرة الرغبة فى السيطرة على الحكم، وأنها لن تخوض صراعا جديدا على السلطة.

ثم غازل الحكومة غزلا مكشوفا وخشنا حينما قال فى نفس الحديث إن «الحوار الوطنى لا يمكن أن يحقق نتائج إذا تم استبعاد الإخوان منه».ثم استمر فى المغازلة بقوله «حتى الصراع بين الأحزاب فى الانتخابات السياسية أو غيرها التى تديرها الدولة، هذه الأمور عندنا مرفوضة تماما ولا نقبلها».فى هذا الحوار أقر إبراهيم منير بأن الأزمة التى تعيشها الجماعة الآن هى الأقسى من كل المرات السابقة منذ تأسيس الجماعة عام ١٩٢٨.تقديرى أن كلام منير استمرار لمنهج الجماعة فى اتباع منهج ومبدأ «التقية» و«التمسكن»، حتى يتمكنوا ويستعيدوا قوتهم وبعدها يعودون مرة أخرى إلى منطق المغالبة والاستقواء والفرعنة. فعلوا ذلك مئات المرات طوال تاريخهم، ليس فى مصر فقط، ولكن فى كل البلدان العربية تقريبا والواضح أنه صار جزءا من طبيعتهم.لكن هذه السطور ليست مخصصة لتحليل حال الجماعة التى تعرضت لضربات أمنية وشعبية موجعة. والهدف أننى أردت فقط أن ألفت نظر كل من يحاول عرقلة الحوار الوطنى بحسن أو سوء نية. الأمر بوضوح أن الحوار سينجح إذا خلصت نوايا المشاركين فيه، والعكس صحيح.وبجانب النوايا التى لا تكفى وحدها بالطبع. هناك الآليات والأفكار والحلول الوسط التى تجعل جميع الأطراف يخرجون من الحوار وهم يشعرون بأنهم كسبوا شيئا ما، ولم يخرجوا خاسرين، كما يحاول المتربصون الإيحاء للمعارضة المصرية.وللموضوعية أيضا فإن الجزء الأكبر من المشاركين فى الحوار الوطنى سواء مجلس الأمناء أو القوى السياسية الرئيسية يمارسون قدرا هائلا من الحكمة حتى الآن داخل وخارج قاعة الحوار.وظنى أنه لو استمر هذا المنهج، ولو استمر التزام النظام بانفتاحه على المعارضة والقوى السياسية الأخرى، فإن هناك آمالا حقيقية، قد تقود إلى فتح المجال السياسى إلى حد ما.هذه الآمال لن تتحول إلى حقائق ملموسة على الأرض إلا حينما تتمكن القوى العاقلة والناضجة والواقعية من فرض كلمتها داخل أحزابها المختلفة، وألا يمارس أى طرف فكرة «المباراة الصفرية» بمعنى أن يحصل على كل شىء أو لا شىء، لأن هذا أمر يخاصم عالم السياسة المبنى بالأساس على الحلول الوسط والتوافقات، وفى نفس الوقت يتطلب الأمر من الحكومة أن تبرهن على جديتها مثلما تفعل فى ملف المحبوسين، وآخرها عملية الإفراج الأخيرة التى أعلنت عنها، أمس الأول، وشملت ٣٣ محبوسا، وذلك حتى يحين موعد تقديم التوصيات والمقترحات للرئيس عبدالفتاح السيسى، ليصدر ما يراه ملائما من قرارات أو تشريعات.ختاما لا نلوم الحريصين على الحوار الذين يشعرون أن هناك بعض البطء ولكن نقول لهم انتظروا قليلا، فلابد أن يأتى وقت وينتهى الحوار، ووقتها سنرى هل كان «مكلمة» كما يروج المتربصون، أم أنه حقق نتائج حقيقية على الأرض ووفر مناخا قد يقود للانطلاق إلى الأمام؟

مقالات ذات صلة