حقوق انساندينىشئون دولية وعربية

الدفاع عن الأوطان مقدم على حماية الأديان مشروعية الدولة الوطنية أمر غير قابل للجدل أو التشكيك

إن عقد المواطنة بين المواطن والدولة يعني الالتزام المتبادل في الحقوق والواجبات بين المواطن والدولة كما يعني الالتزام الكامل بالحقوق والواجبات المتكافئة بين أبناء الوطن جميعا فيما بينهم دون أي تفرقة على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس أو اللغة

السياق والمناخ الفكري الصحي لا يحتاج فيه الثابت الراسخ إلى دليل لكن اختطاف الجماعات المتطرفة للخطاب الديني واحتكارها له ولتفسيراته جعل ما هو في حكم المسلمات محتاجًا إلى التدليل والتأصيل وكأنه لم يكن أصلا

مشروعية الدولة الوطنية أمر غير قابل للجدل أو التشكيك بل هو أصل راسخ لا غنى عنه في واقعنا المعاصر حتى أكد بعض العلماء والمفكرين أن الدفاع عن الأوطان مقدم على الدفاع عن الأديان لأن الدين لا بد له من وطن يحمله ويحميه وإلا لما قرر الفقهاء أن العدو إذا دخل بلدًا من بلاد المسلمين صار الجهاد ودفع العدو فرض عين على أهل هذا البلد رجالهم ونسائهم, كبيرهم وصغيرهم , قويهم وضعيفهم مسلحهم وأعزلهم , كل وفق استطاعته ومكنته حتى لو فنوا جميعًا , ولو لم يكن الدفاع عن الديار مقصدًا من أهم مقاصد الشرع لكان لهم أن يتركوا الأوطان وأن ينجوا بأنفسهم وبدينهم

تلك الجماعات الضالة المارقة المتطرفة المتاجرة بالدين لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية فأكثر تلك الجماعات إما أنها لا تؤمن بالدولة الوطنية أصلا من الأساس أو أنَّ ولاءها التنظيمي الأيديولوجي فوق كل الولاءات الأخرى وطنية وغير وطنية , فالفضاء التنظيمي لدى هذه الجماعات أرحب وأوسع بكثير من الدولة الوطنية والفضاء الوطني

سائر الجماعات المتطرفة تسوّق إلى أنها حامية حمى الدين ، وأنها إنما تسعى لتطبيق حكم الله (عز وجل) وإقامة شرعه ، ونتساءل : أين ما تقوم به هذه الجماعات من قتل ونسف وتفجير وتدمير وسفك للدماء وانتهاك للأعراض وسبي للحرائر ونهب للأموال وترويع للآمنين من شرع الله وحكمه

ما تقوم به هذه الجماعات المتطرفة هو عين الجناية على الإسلام , ذلك أن ما أصاب الإسلام من تشويه لصورته على أيدي هؤلاء المجرمين بسبب حماقاتهم لم يصبه عبر تاريخه على أيدي أعدائه من التتار بما ارتكبوه من مجازر في الماضي وما يصيبه على أيدي داعش والقاعدة والنصرة وبوكو حرام وأضرابهم في الحاضر

الدولة الوطنية هي أساس أمان المجتمعات جميعها ، وأن العمل على تحقيق وترسيخ المواطنة التفاعلية والإيجابية الشاملة واجب الوقت وأن بناء الدولة والحفاظ عليها واجب ديني ووطني ، والتصدي لكل محاولات هدمها أو زعزعتها ضرورة دينية ووطنية لتحقيق أمن الناس وأمانهم واستقرار حياتهم

العلاقة بين الفرد ووطنه هي علاقة تبادلية أيًّا كانت عقيدة هذا الفرد أو عِرقه، وهي علاقة تحترم خصوصية الأفراد من حيث الحقوق ، وتحترم حق المجتمع من حيث الواجبات ، كما تراعي الحق العام وتحترمه أن أوطاننا أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها أفرادًا ومؤسسات , وشعوبًا وحكومات وبكل ما أوتينا من قوة وأدوات وفكر

حتمية تكثيف الخطاب الديني والإعلامي لنشر أخلاقيات التعامل مع المجتمع الرقمي، وتوعية المواطنين جميعًا بعدم نشر أو ترويج الأخبار التي من شأنها الإضرار بالأمن أو إشاعة الفتن ، مع تشديد عقوبات هذه الجرائم بما يحقق الانضباط السلوكي والردع اللازم للمنحرفين عن سبل الجادة

الدولة أولاً ومن خلالها تُقرّ جميع الحقوق ، فدولة المواطنة هي الأساس الذي يبنى عليه السلام المجتمعي والعالمي ، وأي إضعاف للدولة أو المساس بسلامتها واستقرارها هو تهديد للسلم والأمن المجتمعي والعالمي ، وإفساح المجال للجماعات الإرهابية والميلشيات الطائفية لتعيث في الأرض فسادًا

مقالات ذات صلة