فكرية.. تبشر فلسطين بـ” حائط بلا مبكى ” في روايتها الجديدة
كتب _ حامد خليفة
عمل روائي جديد ينتمي إلى أدب المقاومة للأديبة فكرية أحمد وهو العمل الأدبي الخامس عشر للكاتبة وفيه تغوص كعادتها بقلمها بكل جرأة داخل نسيج مجتمع الرواية لتسبر هذه المرة أغوار الجرح الفلسطيني بكل صدق وتنبش تراب النكبة القديمة وترصد بمنظار دقيق محاولة الإحتلال صناعة نكبة أخرى جديدة بحرب إبادة تواصل تنفيذها ضد المدنيين في غزة.
الرواية صادرة عن دار النخبة العربية للنشر والطباعة والتوزيع برئاسة الكاتب أسامة إبراهيم رئيس مجلس الإدارة وقد جاءت في 300 صفحة من القطع المتوسط وخصصت الكاتبة فصلاً كاملاً في نهاية الرواية لصور المذابح التي ترتكبها إسرائيل في حق أصحاب الأرض الفلسطينيين وذلك كتوثيق وشهادة منها للتاريخ الذي تقوم إسرائيل بتشويهه وحذف حقائقه من المناهج الدراسية في فلسطين.
تسرد الكاتبة في أسلوب قصصي عميق يتميز بصبغة قلمها الرشيق لتحكي في بساطة يوميات من حياة الشعب الفلسطيني ومدى ما يلاقيه من معاناة تحت وطأة الإحتلال سواء في المناطق المختلطة أو حتى التي تحت قيادة السلطة الفلسطينية حيث لا أمان في دار ولا سلم في شارع ولا حماية لأعراض و ممتلكات أو أرزاق فكل ما هو فلسطيني مباح لقوة الإحتلال وتحت سطوته.
تتناول الرواية الاعتقالات الإسرائيلية للأبرياء من الفلسطينيين ولشباب المقاومة وحتى للأطفال وأعمال التعذيب الوحشي الذي يلاقيه الأسرى والأسيرات داخل سجون المحتل كما تتناول وحشية التهجير القسري وهدم البيوت على رؤوس أصحابها لإستبدال أصحابها بمستوطنين يهود فهذه الأسيرة فريحة وقد حان موعدها مع حفل التعذيب تنهال عليها الحارسات ركلاً ويقمن بـ”شبحها” على مقعد من الحديد ويقيدن يديها وقدميها في أطراف المقعد لقتل الجنين يبصق عليها الطبيب الإسرائيلي و يدفع إبرة حادة داخل أحشائها وهو يصرخ: أخرجي طفلك الإرهابي من أحشائك أيها الإرهابية.
وهذه المراهقة ندى تطلق صرخاتها فلا ينقذها أحد والجندي الصهيوني ذو الرائحة النتنة يمزق ملابسها يعري جسدها ويعاونه أخر في إغتصابها بوحشية داخل المعسكر سري وإذا بالمحكمة الإسرائيلية تغلق ملف البلاغ وتقول أن المغتصب مجهول؟
فيما وقفت جميلة النشاشبي كأسد يحمي العرين مع أبوها المريض وأمها وأختها الصغيرة أمام دارهم لحمايته من المستوطنين الجدد فقامت سلطات الإحتلال بهدم البيت عليهم وقتلتهم جميعاً بدم بارد لتخلي الدار وهذه دارين التي إنتظرت خطيبها الأسير سبعة أعوام وحين غادر السجن لم يعرفها كان قد فقد عقله من التعذيب.
عشرات الحكايات فيما يقف الشعب الفلسطيني صامداً يواجه ويناضل بكل ما يملك ومالا يملك حتى أن الأسرى يهربون نطفهم لزوجاتهم لكسر قيود القضبان التي تمنعهم من إنجاب أطفال جدد يحملون سلاح المقاومة بدلا من الذين يسقطون شهداء وتصل الرواية قمة حبكتها الدرامية إلى حرب الإبادة الإسرائيلية الدائرة الأن على قطاع غزة منذ يوم 8 أكتوبر من خلال قصص حياة عائلات أبيدت عن كاملها وتم محوها من السجلات لقد دمر الإحتلال على رؤوسهم البيوت والمستشفيات و المدارس وكل شيء لكنهم تشبثوا بالأرض كجذور أشجار السندان وصرخوا وهم يستشهدون” لن ننهزم”.
تنتهي الرواية نهاية تختصر الواقع الذي يبحث عن مستقبل وكأنها تنتظر أن يتم تحرير فلسطين وإنقاذ الأقصى وتطهير حائط البراق من بكائيات اليهود ليتم إغلاق فصول الرواية بكلمة النهاية لذا بطل الرواية خالد الزيني يحمل طفلاً مصاباً هو الناجي الوحيد من عائلة الجوراني في حي الزيتون وقد بترت ذراعه يجري خالد بالطفل بحثاً عن مكان آمن في غزه ليداوي به جرح الصغير على أمل أن يشفى ويفي بوعده له فيدربه على حمل السلاح والإنتقام لعائلته التي قتلها الإحتلال ولكنه يواصل الجري حاملاً الطفل بجرحه النازف بحثا عن الملاذ حيث لا مكان آمن ولا مجال للعلاج وتنتهي الرواية وهو لا يزال يجري.
إنه العمل الخامس عشر للأديبة فكرية أحمد وقد صدر لها مملكة العبيد، قلوب في طواحين الهواء، بلا رجال أفضل، بائعة الورد، كورونا في سوق البغاء ، سر الرجل والكلب، لغز الحقيبة الزرقاء، سر الجاسوس الأخرس، لغز الطائرة المخطوفة، الملكة والأفاعي، تعاويذ عاشق الدم، محاكمة الحجر الأسود، جثة ستيفان محمد، متر إلا ربع.